بدأ مُصطلح "وحدة الساحات" ينتشر لأول مرة في أدبيات الصراع العربي الإسرائيلي بعد معركة سيف القدس في عام ٢٠٢١، هي نهج عسكري وأيديولوجي يرتبط في المقام الأول بوكلاء إيران في المنطقة ضمن ما يُسمى "محور المقاومة"، الذي يضم جماعات مثل حزب الله، حماس، الحوثيين، وغيرها من الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق، بهدف تعزيز التنسيق العملياتي بين هذه الجماعات لمواجهة إسرائيل وتقليص النفوذ الأمريكي في المنطقة، وفقًا لما تقتضيه المصالح الإيرانية، وذلك عن طريق اتخاذ إجراءات متزامنة عبر جبهات مختلفة، مثل لبنان وغزة واليمن، لخلق معركة واحدة مُتزامنة موحدة ضد الأعداء المشتركين، وخاصة إسرائيل والولايات المتحدة.
طُبقت هذه الاستراتيجية على نطاقات محدودة عدة مرات قبل عمليات السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، لكنها وصلت إلى مراحل غير مسبوقة من التنسيق بعد هذه العمليات، لتبلغ حد تقسيم الأهداف داخل إسرائيل، ليقوم هؤلاء الوكلاء باستهداف المُنشآت الإسرائيلية من كُلًا من غزة، لبنان، العراق، سوريا، وصولًا لليمن، في تزامن وتتابع مُضني بالصواريخ والمُسيرات ضغط الدفاعات الجوية الإسرائيلية، حتى أن بعضها أطلق من اليمن ليُصيب أهدافًا في تل أبيب.
لم يكتفِ هؤلاء الوكلاء وخصوصًا الحوثيين بتهديد المُنشآت الإسرائيلية، بل تتابعت ضرباتهم لتُعيق الملاحة في مضيق باب المندب، قُبالة السواحل اليمينية، وذلك عبر عشرات الضربات لسُفن يدعي الحوثيين أن لها علاقات بإسرائيل بداية من ملكية للدولة أو لأشخاص ذوي جنسية إسرائيلية وصولًا إلى مرورها بالموانئ الإسرائيلية، مما يوسع دائرة الاستهداف، ويجعل معاييرها مطاطة تشمل نسبة كبيرة من حركة المرور في المضيق المحوري بالنسبة للتجارة العالمية، وخصوصًا الدول العربية المُصدرة للنفط، ومصر التي تعتمد على قناة السويس مقصد النسبة الأكبر من السُفن العابرة للمضيق، ما أسفر عن تحول مسار خطوط الشحن من قناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الصالح، الأمر الذي ستكون له تحولات استراتيجية بعيدة المدى، بالإضافة إلى تداعيات المدى القصير على اقتصادات الدول العربية من المجموعتين السابقتين، لذلك يهدف هذا التحليل إلى تحليل أهمية المضيق بالنسبة للدول العربية، وانعكاساته الاستراتيجية على اقتصاداتها.