ثمة مؤشرات عدة تشير إلى صعود اليمين المتطرف داخل الكتلة الأوروبية مثل استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات الأوروبية المقبلة وقانون الهجرة الذي أقره البرلمان الفرنسي في ديسمبر الماضي. وتنعكس التوجهات اليمينية المتطرفة على العديد من القضايا المحورية، وخاصة قضية الهجرة التي تحتل المركز الثاني في قائمة القضايا الأكثر إلحاحًا بالنسبة للناخبين الأوروبيين. ويعبِّر الميثاق الأوروبي الجديد بشأن اللجوء والهجرة عن الميول الأوروبية نحو اليمين حيث يعفي الأوكرانيين من الإجراءات الجديدة ويضيف المزيد من القيود على المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء من الدول الأخرى، وخاصةً الوافدين من منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. ولا يقتصر أثر الميول اليمينية المتطرفة على الاتحاد الأوروبي فحسب، بل ستؤثر قطعًا على الدول المجاورة، وخاصةً دول شمال أفريقيا التي تشكل معبرًا للاجئين وطالبي اللجوء الذين ينشدون الوصول إلى الشواطئ الأوروبية، إذ سيواجه المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء أوضاعًا إنسانية كارثية بسبب التدابير التي يفرضها الميثاق الجديد مثل إجراءات الفحص، الأمر الذي سيؤدي إلى تضاؤل الضمانات وزيادة مخاطر الاحتجاز الجماعي للوافدين بمن فيهم الأطفال على حدود بلدان الوصول الأولى. وتنظم لائحة الأزمات والقوة القاهرة التدابير التي يجب اتخاذها إذا وقعت "أزمة" على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. كما ستصبح الدول الأوروبية نفسها في موقفٍ لا تحسد عليه بسبب استفادة دول العبور من مواقعها الجيوسياسية. وباستخدام معيار متعدد الأوجه، تشير هذه الدراسة إلى أن الميثاق الجديد هو مجرد "إعادة صياغة" لسياسات الهجرة الأوروبية الجارية والتي تبين فشلها بالفعل. وتستخدم هذه الدراسة اتفاق الهجرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي لتسليط الضوء على أوجه القصور في سياسات الهجرة الأوروبية، حيث تشير نتائج الدراسة إلى أن التدابير اليمينية المتطرفة التي تتخذها دول الاتحاد الأوروبي ستؤدي إلى تشجيع دول العبور في مواجهة الدول الأوروبية التي ستتكبد خسائر عديدة على الجانب السياسي والاقتصادي؛ فمن الناحية السياسية، سيتعين عليها تقديم تنازلات في مواجهة دول العبور، بينما من الناحية الاقتصادية، سيتعين عليها تقديم مساعدات باهظة للاستعانة بمصادر خارجية لمراقبة حدودها وإبعاد المهاجرين عنها.