تُشكل أزمة التمويل تحديًا مُلحًا لجهود مُكافحة تغيُّر المناخ. فعلى الرغم من التعهدات الدولية، مثل تلك التي قُطعت في عام 2009 بتقديم 100 مليار دولار سنويًا للدول النامية بحلول عام 2020، إلا أنَّ الواقع يُشير إلى وجود فجوة تمويلية كبيرة تُعيق التقدم المُحرز في مجال التخفيف من آثار تغيُّر المناخ والتكيُّف معه. وعلى الرغم من أن اتفاق باريس لعام 2015 يهدف إلى الحد من الاحتباس الحراري، إلا أنه يواجه تحديات جمة في التنفيذ، ويُعزى هذه التحديات إلى عوامل مُتعددة، من بينها عدم كفاية التعهدات المالية من الدول المُتقدمة، وغياب آليات فعّالة للمُساءلة والشفافية لضمان الوفاء بهذه التعهدات. وتُؤكد هذه المُعطيات على ضرورة اضطلاع الدول المُتقدمة بدور قيادي في مُعالجة أزمة المناخ و التخفيف من آثار الاحتباس الحراري وتوفير الدعم المالي الكافي.
كما إنَّ عدم مُعالجة هذه الفجوة التمويلية يُنذر بعواقب وخيمة، لا سيما على الدول النامية التي تُعد الأكثر عُرضة لتداعيات تغيُّر المناخ. ويتمثل ذلك في تفاقم الظواهر الجوية المُتطرفة، وارتفاع منسوب مياه البحر، وتدهور الأنظمة البيئية، مما يُهدد سُبل عيش الملايين ويُعيق التنمية المُستدامة.
كما يُشكِّل تغيُّر المناخ تحديًا للنمو المستدام في عددٍ من الصناعات، وهو ليس مجرد شاغل بيئي، بل هو أيضًا مشكلة اقتصادية. فالاستثمار غير الكافي في مجال تغيُّر المناخ يؤدي إلى تفاقم المشاكل، بما في ذلك تزايد الديون لدى الدول النامية، وانخفاض الإنتاجية الزراعية، وانعدام الأمن الغذائي، والتقلُّبات في صناعات مثل السياحة. لذا، يتطلب الأمرُ مُراجعة شاملة للاتفاقيات الدولية المُتعلقة بتغيُّر المناخ، بهدف تعزيز فعاليتها وضمان تحقيق أهدافها. ويشمل ذلك إعادة النظر أيضًا في آليات التمويل، وتعزيز المُساءلة، وتطوير آليات فعّالة للتعاون الدولي.