يشهد العالم تحولات جيوسياسية متسارعة، يتجلى أحد أهم مظاهرها في سعي قوى عالمية صاعدة لتغيير موازين القوى في النظام المالي العالمي، ويأتي في مقدمة هذه القوى مجموعة البريكس+، التي تضم حاليًا عشر دول بعد انضمام مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا إلى جانب الأعضاء المؤسسين، وتسعى هذه المجموعة إلى التخلص من هيمنة الدولار الأمريكي وإعادة هيكلة النظام المالي العالمي القائم على البنية التحتية الغربية، وذلك نتيجة لما تعتبره عيوبًا هيكلية تجعل منه أداة لفرض الضغوط السياسية والاقتصادية، فضلاً عن مساهمته في التفكك الاقتصادي والجغرافي عبر إساءة استخدام القيود التجارية والمالية.
وتُدرك دول البريكس+ أن هيمنة الدولار ترجع إلى أسباب عميقة الجذور، مثل القوة العسكرية الأمريكية وثقة العالم في النظام القانوني الأمريكي. ومع ذلك، فإن هذه الدول تُسعى إلى إيجاد بدائل لتقليل اعتمادها على الدولار وتعزيز سيادتها المالية.
ولتحقيق هذه الغاية، تكثف مجموعة البريكس جهودها لتقليل الاعتماد على الدولار من خلال آليات مبتكرة، أبرزها إصدار عملة جديدة وإنشاء منصة رقمية متعددة الأطراف للتسوية والدفع باسم "جسر البريكس". ومن المتوقع أن تسهم هذه الآليات في تعزيز التعاون التجاري وتسهيل التبادل بين دول المجموعة، لا سيما في ظل العقوبات المفروضة على بعض أعضائها كروسيا وانقطاعها عن نظام سويفت.
ويراقب العالم عن كثب تقدم قمة دول البريكس المقبلة _ المقرر انعقادها في الفترة من 22 -24 أكتوبر 2024 في مدينة كازان_ في تنفيذ هذه المبادرة، التي قد تعيد تشكيل الطريقة التي تدير بها البلدان التجارة والتمويل الدوليين في السنوات المقبلة. فهل ستنجح روسيا وحلفاؤها في كسر هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي؟