الصعود الصامت: كيف تغير الصين وجه الشرق الأوسط
الإصدارات

الصعود الصامت: كيف تغير الصين وجه الشرق الأوسط

توسطت الصين في حوار للمصالحة الفلسطينية في بكين، ونجحت في رأب الصدع بين السعودية وإيران. وتشير هذه الخطوات إلى تغير في نهج الصين في الشرق الأوسط، حيث أصبحت لاعباً فاعلاً في المنطقة من خلال توسيع سياساتها لتشمل اعتبارات سياسية واستراتيجية، بالإضافة إلى مصالحها في مجال الطاقة. وقد جذبت سياستها "غير التدخلي" العديد من دول المنطقة، التي ترى في علاقاتها المتنامية مع بكين وسيلة للتنويع. ومع ذلك، فإن انخراط الصين المتزايد قد يشكل تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة. ففي الوقت الذي ازداد فيه اهتمام واشنطن بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، برزت الصين كلاعب فعال في الشرق الأوسط، حيث أعادت تشكيل ديناميكيات الأمن الإقليمي، ووقعت شراكات استراتيجية ومذكرات تفاهم لأنشطتها الاقتصادية مع معظم دول الشرق الأوسط. بالإضافة إلى، توثيق علاقاتها مع مختلف المنظمات الإقليمية على مدى العقدين الماضيين. وتُظهر المبادرات الدبلوماسية الصينية الأخيرة استثمار بكين العميق في مواصلة تطوير العلاقات مع دول الشرق الأوسط، حيث عقدت بكين القمة العربية الصينية، والقمة الخليجية الصينية، لتظهر التزامها بتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين دول المنطقة وتعزيز التنمية الاقتصادية بما يتجاوز مصالحها التقليدية في مجال الطاقة. وينظر إلى المشاركة المتزايدة للصين في الشرق الأوسط كعامل هام في تشكيل المشهد الجيوسياسي للمنطقة وله آثار كبيرة على السياسة العالمية. مما يطرح تساؤلاً  فكيف يختلف النهج الصيني عن نظيره الأمريكي؟
نمط متكرر: كيف سترد إيران على اغتيال إسماعيل هنية؟
الإصدارات

نمط متكرر: كيف سترد إيران على اغتيال إسماعيل هنية؟

يحبس العالم أنفاسه مُنذ 31 يوليو 2024، في انتظار الرد الإيراني على اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران ، وذلك أثناء مُشاركته في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني، مسعود بزكشيان، ما يُعتبر انتهاكًا صارخًا للسيادة الإيرانية من جهة، وتحديًا لقيادتها الإقليمية لحركات المُمانعة ضد ما تعتبره هيمنة الولايات المُتحدة وإسرائيل على دول المنطقة، من جهة آخري الأمر الذي يعتبر معه العالم الرد الإيراني مفروغًا منه في ظل الارتفاع غير المسبوق لسقف المواجهة بين الدولتين، خصوصًا أن هذا الاغتيال جاء ضمن سلسلة من الاغتيالات لرموز محور المُمانعة، فقبل ساعات فقط من الانفجار في طهران، نفذت إسرائيل هجومًا صاروخيًا في الضاحية الجنوبية لبيروت، اغتالت خلاله فؤاد شكر أعلى مسؤول عسكري في حزب الله، بعدما ادعت -دون تأكيد- اغتيال محمد الضيف القائد العسكري لحماس.   وبرغم الاتفاق على حتمية الرد، فإن اختلافًا حادًا حول طريقته يسود الأوساط السياسية والعسكرية، خصوصًا في ظل نمط الاستهدافات الإسرائيلية التي تستوجب ردًا إيرانيًا مُباشرًا لاستعادة قدرات الردع المفقودة، وامتلاك إيران من جانب آخر لوكلاء لديهم قُدرات الرد بدلًا منها، بما يُجنبها التكلفة العسكرية والاقتصادية للرد المُباشر، وعلى وجه أكثر تحديدًا بعدما أعلنت الولايات المُتحدة الأمريكية عن أنها ستُشارك بقواتها في الدفاع مُباشرة عن إسرائيل في حالة تنفيذ هجوم إيراني، وهو ما يعد تأكيدًا لموقفها السابق من الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل في إبريل الماضي.   إلا أننا نعتقد أن ما قد يُسهل توقع طبيعة الرد، هو دراسة نمط الردود الإيرانية السابقة على ذات النوعية من الاعتداءات، خصوصًا في ظل التاريخ الإيراني الحافل بالمواجهات مع دول جوارها بعد الثورة في سبعينيات القرن الماضي، والعداء المُباشر مع الولايات المُتحدة مُنذ ذلك الحين، لكن من بين هذه المواجهات وأكثرها تشابهًا مع الوضع الحالي، هو ما بات يُعرف الآن بحرب الناقلات التي دارت رحاها بين إيران والعراق خلال الفترة من 1984 وحتى 1988، واستدرجت خلالها الولايات المُتحدة لتضطر للانخراط في عملية عسكرية واسعة ضد القوات الإيرانية في الخليج العربي، على نحو ما سنصف لاحقًا.   تسعي الورقة الراهنة إلى إجراء تحليل معمق لأوجه التشابه والاختلاف بين الوضع الراهن والوضع السابق (تحديداً خلال حرب الناقلات) فيما يتعلق بديناميكيات المواجهة بين إيران والقوي التي تصطدم بها، وموقف الولايات المتحدة حيال هذه الصدمات، ما يُسهل توقعات الرد الإيراني في ظل إجمالي هذه المُتغيرات.