جدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري دعوته إلى عقد جلسة عامة للمجلس في التاسع من يناير 2024 لانتخاب رئيس جديد للبلاد بعد دخول الفراغ الرئاسي عامه الثالث، وتأتي هذه الدعوة مع استمرار أزمة شغور منصب الرئيس في لبنان منذ 31 أكتوبر 2022، بعد نهاية ولاية الرئيس السابق العماد ميشال عون الذي أنهت ولايته فراغًا رئاسيًا دام 29 شهرًا بعد 45 محاولة سبقت انتخابه للوصول للنصاب القانوني، و منذ الفراغ الحالي، عجز المجلس عن اختيار رئيس بعد أثني عشر جلسة كان أخرها في 14 يونيو 2024، مما يعكس تعقيدات العملية السياسية في البلاد.
كما لم تنجح المبادرات الداخلية في الآونة الأخيرة في إنهاء الشغور والتوافق على مرشح، كما لم تتوقف مساعي ممثلي الدول الخمس -الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر- لمحاولة تذليل العقبات التي تحول دون توافق القوى السياسية على التوصل إلى آلية تنهي معضلة الشغور.
ومع استمرار عدم اليقين حول هوية الرئيس المقبل، تتداول الأوساط السياسية في لبنان عدة أسماء مرشحة من بينهم قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، الذي تتجه الأنظار بقوة صوبه باعتباره مرشحًا توافقيًا محتملًا بشكل كبير.
و تُطرح الجلسة القادمة آمال كبيرة في أن تسفر عن نتائج إيجابية واختيار اسم بعينه لساكن قصر بعبدا الجديد، مما يطرح تساؤلات حول قدرة القوي السياسية على حسم الفراغ الرئاسي والاتفاق على مرشح في ضوء التغيرات السياسية الحالية في لبنان والمنطقة؟
مع نزوح الملايين، والدمار الهائل الذي حاق بالبلاد، وتدمير صناعات بأكملها، أطلق الصراع السوري العنان لفوضى غير مسبوقة أنهكت اقتصاد البلاد منذ بدايته في عام 2011. وفي خضم المناقشات الدولية بشأن سياسات الترحيل، يشق عدد كبير من اللاجئين طريقهم إلى ديارهم، مدفوعين بالأمل في إعادة بناء حياتهم ومجتمعاتهم في أعقاب سقوط نظام الأسد. وفي حين يمثل إعادة اللاجئين فرصة لإنعاش الاقتصاد، فإن التحديات المعقدة المرتبطة بإعادة الإدماج وإعادة الإعمار تجعل مسار تحقيق تقدم ملموس أمرًا معقدًا للغاية. لذلك، فإن استراتيجية إعادة الإدماج التدريجية، التي تعتمد على الدعم الدولي - وخاصة من الدول المضيفة للاجئين - لا غنى عنها لتعزيز التعافي المستدام.
بعد مرور أكثر من عقد من الزمان على اندلاع الحرب الأهلية السورية، صدم السقوط غير المتوقّع لنظام الأسد العديد من المعلّقين وقادة العالم الذين اعتقدوا أن الرئيس بشار الأسد قد عزّز سلطته وأن حكمه لا يتزعزع. ويؤكد هذا التطور المحوري على الأهمية الاستراتيجية الدائمة لسوريا، ليس فقط كساحة معركة ولكن كمحور رئيسي في الجغرافيا السياسية الإقليمية والدولية فقد أتاح الصراع المطول للجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية بترسيخ نفسها داخل النسيج الاجتماعي والسياسي في سوريا، مما أدى إلى تضخيم تداعيات سقوط النظام إلى ما هو أبعد من حدود سوريا. وفي أعقاب ذلك، أعيد رسم رقعة الشطرنج الجيوسياسية، مع ظهور المستفيدين والخسائر الواضحة. فاستفادت تركيا وإسرائيل من الفراغ الذي أعقب ذلك، وعززتا نفوذهما الإقليمي، في حين وجدت روسيا وإيران نفسيهما، على الرغم من مصالحهما الخاصة، على الجانب الخاسر من هذه المعايرة الجيوسياسية. وفي الوقت ذاته، استفادت بعض الدول الأوروبية من الوضع بشكل خفي دون المجاهرة علنًا بمكاسبها.
تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا ملحوظًا عبر قطاعات متنوعة، مدفوعةً بإصلاحات طموحة في إطار رؤية 2030. فلا يكتفي اقتصاد المملكة بالوصول إلى آفاق جديدة، بعد أن حقق مؤخرًا مستوى تريليون دولار أمريكي، بل يهدف أيضًا إلى أن يكون من بين الاقتصادات الرائدة في العالم. وينبع هذا التقدم من استراتيجية التنويع الاقتصادي والاستثمارات القوية، التي تعيد تشكيل المشهد الاقتصادي للبلاد وتعزز مكانتها العالمية.
ومن المحركات الرئيسية الأخرى لهذا النمو ارتفاع مشاركة المرأة في القوى العاملة، من خلال زيادة الفرص التعليمية والبيئة الثقافية الأكثر شمولًا. وقد نفذَّت المملكة العربية السعودية إصلاحات جوهرية لتمكين المرأة اقتصاديًا، مما أحدث أثرًا إيجابيًا يتجاوز رؤية 2030. ونتيجةً لذلك، تشهد المملكة زيادةً كبيرةً في النمو الاقتصادي، مما يدل على القوة التحويلية لتمكين المرأة.
بعد مرور أكثر من عقد من الزمان على اندلاع الحرب الأهلية السورية، صدم السقوط غير المتوقّع لنظام الأسد العديد من المعلّقين وقادة العالم الذين اعتقدوا أن الرئيس بشار الأسد قد عزّز سلطته وأن حكمه لا يتزعزع. ويؤكد هذا التطور المحوري على الأهمية الاستراتيجية الدائمة لسوريا، ليس فقط كساحة معركة ولكن كمحور رئيسي في الجغرافيا السياسية الإقليمية والدولية فقد أتاح الصراع المطول للجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية بترسيخ نفسها داخل النسيج الاجتماعي والسياسي في سوريا، مما أدى إلى تضخيم تداعيات سقوط النظام إلى ما هو أبعد من حدود سوريا. وفي أعقاب ذلك، أعيد رسم رقعة الشطرنج الجيوسياسية، مع ظهور المستفيدين والخسائر الواضحة. فاستفادت تركيا وإسرائيل من الفراغ الذي أعقب ذلك، وعززتا نفوذهما الإقليمي، في حين وجدت روسيا وإيران نفسيهما، على الرغم من مصالحهما الخاصة، على الجانب الخاسر من هذه المعايرة الجيوسياسية. وفي الوقت ذاته، استفادت بعض الدول الأوروبية من الوضع بشكل خفي دون المجاهرة علنًا بمكاسبها.
لا يعد حلم "إسرائيل الكبرى" ضربًا من ضروب الخيال، بل هو مشروع حقيقي طوره تيودور هرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية، ويشمل هذا المشروع ضم أراضٍ تمتد من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في العراق، متضمناً أراضٍ من مصر وسوريا والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية وكل الأراضي الأردنية وفلسطين التاريخية.
في عام 2017، أصدرت الأمم المتحدة تقريرًا يشير إلى أن إسرائيل تواصل تنفيذ خططها لضم أراضي الضفة الغربية مع الإبقاء على الفلسطينيين في ظروف قاسية يعانون فيها العزل والحرمان. ليس ذلك فحسب، بل ارتدى جنود الجيش الإسرائيلي مؤخرًا شارات تحمل رمز "إسرائيل الكبرى" أثناء العمليات العسكرية في غزة، ويثير هذا الرمز لمخاوف بشأن الطموحات الإقليمية المحتملة، مما يشير إلى أن استراتيجيات إسرائيل العسكرية قد تتوسع أكثر في الشرق الأوسط بعد انتهاء عملياتها العسكرية في غزة ولبنان.
حدثت لحظة محورية في هذا المسار في نوفمبر 2024، عندما تقدمت القوات الإسرائيلية إلى المنطقة منزوعة السلاح التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا حيث شرعت إسرائيل في تنفيذ مشاريع بنية تحتية، بما في ذلك تعبيد طريق على طول الحدود السورية مع الجولان. وتشير هذه الأعمال إلى خطوة استراتيجية لترسيخ السيطرة على الأراضي المتنازع عليها، مما يثير تساؤلات حاسمة حول التداعيات الأوسع على استقرار المنطقة.
يرى بعض المحللين أن مشروع البناء الإسرائيلي في سوريا قد يمثل خطوة أولية نحو إنشاء ممر استراتيجي يربط إسرائيل بنهر الفرات. وهذا التطور، إذا تحقق، قد يعزز بشكل كبير طموح إسرائيل القديم في تحقيق مفهوم "إسرائيل الكبرى". والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هي العواقب المحتملة إذا نجحت إسرائيل في إنشاء هذا الممر؟
تواجه فرنسا أزمة سياسية غير مسبوقة تتخذ مسارًا معقدًا يهدد استقرار النظام السياسي برمّته. فمنذ يونيو الماضي، أدت دعوة الرئيس إيمانويل ماكرون لإجراء انتخابات مبكرة إلى زعزعة المشهد السياسي في البلاد، ما أوقع فرنسا في حالة اضطراب سياسي حاد. وتصاعدت الأحداث سريعًا، ما أدى في نهاية المطاف إلى استقالة ميشيل بارنييه، الذي بات صاحب أقصر فترة ولاية لرئيس وزراء في التاريخ الحديث، حيث لم تدم حكومته أكثر من ثلاثة أشهر. ولم تقتصر تداعيات هذه الأزمة على فرنسا فقط؛ بل امتدت تداعياتها لتشمل القارة الأوروبية بأكملها. ومع تصاعد الانتقادات الموجهة لماكرون باعتباره المسؤول الرئيسي عن هذه الأزمة، يبقى السؤال الأبرز: هل سيجبر قريبًا على مغادرة منصبه؟
تُعد استراتيجية الأمن القومي الأمريكية (NSS) وثيقة شاملة أصدرها مجلس الأمن القومي بالاشتراك مع الفرع التنفيذي للحكومة الأمريكية للكونجرس، ووقع عليها الرئيس. وتُحدد الوثيقة بشكل رئيسي القضايا الكبرى المتعلقة بالأمن القومي الأمريكي وآليات تعامل الإدارة معها باستخدام كافة أدوات القوة الوطنية. في هذا السياق، ستشكل استراتيجية الأمن القومي (2024-2028) إحدى أهم أولويات الرئيس المنتخب، دونالد ترامب.
لا يكمن التحدي الأساسي في التنبؤ بتداعيات هذه الاستراتيجية، بل يتمثل في تحديد أي منطقة ستحتل الأولوية في استراتيجية الأمن القومي (2024-2028)، في ظل واقع جيوسياسي واقتصادي غير مستقر تتخلله النزاعات في المحيطين الهندي والهادئ وأوروبا والشرق الأوسط.
تشير الأولويات المتوقعة للأمن القومي خلال فترة ترامب الثانية إلى أنها ستكون متأثرة بسياسات ولايته الأولى وخطاب حملته الانتخابية الأخيرة، مما يقدم لمحة عن نهجه المتوقع، على الرغم من تناقضاته الظاهرة، ويبدو أن مؤلف كتاب "فن الصفقة" سيتبنى نهجاً انتقائياً من الناحية الاقتصادية في ملفات السياسة الخارجية.
تتسم رؤية ترامب للعالم بطابع تجاري بحت، وهو ما تجلى في استراتيجية الأمن القومي لعام 2017 ومبدأ "أمريكا أولاً". كما يعكس برنامج الحزب الجمهوري توجهاته المقبلة تحت شعار "استعادة السلام في أوروبا والشرق الأوسط"، في إشارة إلى نهج تاريخي مثل "السلام بالقوة" المعتمد من قبل جورج واشنطن ورونالد ريجان. ولكن تعتمد نسخة ترامب، المسماة "السلام من خلال القوة"، على أساليب أكثر إكراهاً، مثل التهديدات والعقوبات الاقتصادية، مع التركيز على استخدام النفوذ الاقتصادي والتدابير الصارمة لحماية الاقتصاد الأمريكي من خلال الحفاظ على السلام. من المتوقع أن تكون الأولويات الرئيسية موجهة نحو الصين، مع تحول ملحوظ في التركيز نحو الشرق الأوسط، ربما على حساب أوروبا وحلف شمال الأطلسي، ويُنظر إلى الأخير على أنه أقل جدوى من الناحية الاقتصادية.
مع نزوح الملايين، والدمار الهائل الذي حاق بالبلاد، وتدمير صناعات بأكملها، أطلق الصراع السوري العنان لفوضى غير مسبوقة أنهكت اقتصاد البلاد منذ بدايته في عام 2011. وفي خضم المناقشات الدولية بشأن سياسات الترحيل، يشق عدد كبير من اللاجئين طريقهم إلى ديارهم، مدفوعين بالأمل في إعادة بناء حياتهم ومجتمعاتهم في أعقاب سقوط نظام الأسد. وفي حين يمثل إعادة اللاجئين فرصة لإنعاش الاقتصاد، فإن التحديات المعقدة المرتبطة بإعادة الإدماج وإعادة الإعمار تجعل مسار تحقيق تقدم ملموس أمرًا معقدًا للغاية. لذلك، فإن استراتيجية إعادة الإدماج التدريجية، التي تعتمد على الدعم الدولي - وخاصة من الدول المضيفة للاجئين - لا غنى عنها لتعزيز التعافي المستدام.
تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا ملحوظًا عبر قطاعات متنوعة، مدفوعةً بإصلاحات طموحة في إطار رؤية 2030. فلا يكتفي اقتصاد المملكة بالوصول إلى آفاق جديدة، بعد أن حقق مؤخرًا مستوى تريليون دولار أمريكي، بل يهدف أيضًا إلى أن يكون من بين الاقتصادات الرائدة في العالم. وينبع هذا التقدم من استراتيجية التنويع الاقتصادي والاستثمارات القوية، التي تعيد تشكيل المشهد الاقتصادي للبلاد وتعزز مكانتها العالمية.
ومن المحركات الرئيسية الأخرى لهذا النمو ارتفاع مشاركة المرأة في القوى العاملة، من خلال زيادة الفرص التعليمية والبيئة الثقافية الأكثر شمولًا. وقد نفذَّت المملكة العربية السعودية إصلاحات جوهرية لتمكين المرأة اقتصاديًا، مما أحدث أثرًا إيجابيًا يتجاوز رؤية 2030. ونتيجةً لذلك، تشهد المملكة زيادةً كبيرةً في النمو الاقتصادي، مما يدل على القوة التحويلية لتمكين المرأة.
تُشكل أزمة التمويل تحديًا مُلحًا لجهود مُكافحة تغيُّر المناخ. فعلى الرغم من التعهدات الدولية، مثل تلك التي قُطعت في عام 2009 بتقديم 100 مليار دولار سنويًا للدول النامية بحلول عام 2020، إلا أنَّ الواقع يُشير إلى وجود فجوة تمويلية كبيرة تُعيق التقدم المُحرز في مجال التخفيف من آثار تغيُّر المناخ والتكيُّف معه. وعلى الرغم من أن اتفاق باريس لعام 2015 يهدف إلى الحد من الاحتباس الحراري، إلا أنه يواجه تحديات جمة في التنفيذ، ويُعزى هذه التحديات إلى عوامل مُتعددة، من بينها عدم كفاية التعهدات المالية من الدول المُتقدمة، وغياب آليات فعّالة للمُساءلة والشفافية لضمان الوفاء بهذه التعهدات. وتُؤكد هذه المُعطيات على ضرورة اضطلاع الدول المُتقدمة بدور قيادي في مُعالجة أزمة المناخ و التخفيف من آثار الاحتباس الحراري وتوفير الدعم المالي الكافي.
كما إنَّ عدم مُعالجة هذه الفجوة التمويلية يُنذر بعواقب وخيمة، لا سيما على الدول النامية التي تُعد الأكثر عُرضة لتداعيات تغيُّر المناخ. ويتمثل ذلك في تفاقم الظواهر الجوية المُتطرفة، وارتفاع منسوب مياه البحر، وتدهور الأنظمة البيئية، مما يُهدد سُبل عيش الملايين ويُعيق التنمية المُستدامة.
كما يُشكِّل تغيُّر المناخ تحديًا للنمو المستدام في عددٍ من الصناعات، وهو ليس مجرد شاغل بيئي، بل هو أيضًا مشكلة اقتصادية. فالاستثمار غير الكافي في مجال تغيُّر المناخ يؤدي إلى تفاقم المشاكل، بما في ذلك تزايد الديون لدى الدول النامية، وانخفاض الإنتاجية الزراعية، وانعدام الأمن الغذائي، والتقلُّبات في صناعات مثل السياحة. لذا، يتطلب الأمرُ مُراجعة شاملة للاتفاقيات الدولية المُتعلقة بتغيُّر المناخ، بهدف تعزيز فعاليتها وضمان تحقيق أهدافها. ويشمل ذلك إعادة النظر أيضًا في آليات التمويل، وتعزيز المُساءلة، وتطوير آليات فعّالة للتعاون الدولي.
تتشكل الحملات الانتخابية الناجحة للوصول إلى رئاسة الولايات المُتحدة الأمريكية من مجموعة من العوامل من بين أهمها استراتيجيات الحملة، مؤهلات المُرشح، التغطية الإعلامية، والوصول للجمهور، العوامل الاجتماعية والاقتصادية، ومعنويات الناخبين، لكن على رأس هذه العوامل يأتي جمع الأموال وتخصيص الموارد، والذي يُعتبر وقود الحملة برمُتها، والمُعزز الذي يدفع في اتجاه توظيف مُجمل العوامل السابقة بشكل أكثر نجاعة، ولذلك بحثت العديد الدراسات العلاقة بين التمويل في الحملات الرئاسية الأمريكية ونجاح المرشحين، وعلى الرغم من الاختلاف الشديد لنتائج هذه الدراسات إلي أن مُجملها اتفق على أن جمع التبرعات يعد عنصرًا حاسمًا في أي حملة قابلة للاستمرار، فيما دار الاختلاف حول أن إجمالي المبالغ المُجموعة ليس دائمًا مؤشرًا نهائيًا للنجاح الانتخابي ، الأمر الذي يُمكن التدليل عليه بوجه خاص في حملتي الترشح الرئاسي لعامي 2016 و2020حيث ضعفت العلاقة بين المبلغ الذي تم جمعه واحتمالية الفوز ، بما يُشير إلى تغيُر في ديناميات تمويل الحملات الانتخابية وتفضيلات الناخبين.
على الجانب الآخر يُشير التمويل في حد ذاته إلى مجموعة واسعة من التفضيلات الأولية للناخبين، وانتماءاتهم السياسية، والأجندة التي سيتبناها الرئيس الجديد، بالإضافة إلى ترتيب أولوياته، والأدوات التي سيستخدمها لتحقيق هذه الأهداف، لذلك يحاول هذا المقال تحليل مصادر تمويل الحملتين الرئاسيتين للحزبين الديموقراطي والجمهوري باعتبارهما الأكبر والأكثر مُنافسة، والأعلى احتمالية للوصول إلى سُدة الحُكم.
جدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري دعوته إلى عقد جلسة عامة للمجلس في التاسع من يناير 2024 لانتخاب رئيس جديد للبلاد بعد دخول الفراغ الرئاسي عامه الثالث، وتأتي هذه الدعوة مع استمرار أزمة شغور منصب الرئيس في لبنان منذ 31 أكتوبر 2022، بعد نهاية ولاية الرئيس السابق العماد ميشال عون الذي أنهت ولايته فراغًا رئاسيًا دام 29 شهرًا بعد 45 محاولة سبقت انتخابه للوصول للنصاب القانوني، و منذ الفراغ الحالي، عجز المجلس عن اختيار رئيس بعد أثني عشر جلسة كان أخرها في 14 يونيو 2024، مما يعكس تعقيدات العملية السياسية في البلاد.
كما لم تنجح المبادرات الداخلية في الآونة الأخيرة في إنهاء الشغور والتوافق على مرشح، كما لم تتوقف مساعي ممثلي الدول الخمس -الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر- لمحاولة تذليل العقبات التي تحول دون توافق القوى السياسية على التوصل إلى آلية تنهي معضلة الشغور.
ومع استمرار عدم اليقين حول هوية الرئيس المقبل، تتداول الأوساط السياسية في لبنان عدة أسماء مرشحة من بينهم قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، الذي تتجه الأنظار بقوة صوبه باعتباره مرشحًا توافقيًا محتملًا بشكل كبير.
و تُطرح الجلسة القادمة آمال كبيرة في أن تسفر عن نتائج إيجابية واختيار اسم بعينه لساكن قصر بعبدا الجديد، مما يطرح تساؤلات حول قدرة القوي السياسية على حسم الفراغ الرئاسي والاتفاق على مرشح في ضوء التغيرات السياسية الحالية في لبنان والمنطقة؟
شنت الفصائل المسلحة السورية فجر الأربعاء 27 نوفمبر 2024 عملية مشتركة في هجوم مباغت على مواقع ومناطق سيطرة النظام السوري والميليشيات المساندة له في ريف حلب الغربي شمال سوريا، حيث يعتبر حدثاً عسكرياً هو الأول من نوعه منذ الهجوم الذي قادته الفصائل المسلحة في عام 2016، حيث شاركت في العملية العسكرية "هيئة تحرير الشام" -جبهة النصرة سابقًا- وأعلنت غرفة العمليات المشتركة الفصائل المسلحة في بيان مصور إطلاقها معركة "رد العدوان" والذي أشار أن إطلاق العملية العسكرية جاء بعد رصد تحركات للنظام لإطلاق عملية ضد المناطق الآمنة، كما أن العملية العسكرية ليست خياراً بل واجباً"، حيث جاء الهجوم رداً على قصف النظام السوري لمناطق شمال غربي سوريا.
وتأتي العملية العسكرية في ظل ظروف ميدانية وإقليمية ودولية متغيرة، بعد سنوات من الركود النسبي على جبهة الصراع، فإن القتال المتجدد لديه القدرة على إحداث تغييرات كبيرة في السيطرة، وخاصة إذا فشلت القوات الأسد في الحفاظ على مواقعها. كما قد تنشأ عن هذه المواجهة إذا تصاعد القتال بين النظام السوري وقوات الفصائل المسلحة لجذب القوى الكبرى مثل روسيا وتركيا، حيث تسعى كل منهما إلى تحقيق مصالحها داخل سوريا وتساهم في زيادة عدم الاستقرار، ويشكل خرق حلب يمثل تحولًا دراماتيكيًا في الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عامًا وأكبر هجوم للفصائل المسلحة منذ عام 2020. كما أن مكاسب الفصائل في حلب تشكل ضربة كبيرة ليس فقط لنظام الرئيس السوري بشار الأسد ولكن أيضًا لداعميه الروس والإيرانيين.
يُشكّل هجوم الفصائل المسلحة على حلب منعطفًا حاسمًا في الصراع السوري مُتعدد الأوجه، يحمل في طياته دلالاتٍ استراتيجيةً عميقةً تستدعي تحليلًا دقيقًا لدوافعه وتداعياته المُحتملة، لا سيما في ظلّ التوترات الجيوسياسية المُتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط. وإذ يتزامن هذا الهجوم مع تصاعد العنف في مناطق أخرى من المنطقة، كالحرب بين إسرائيل وحماس والصراع المدعوم من الولايات المتحدة مع حزب الله في لبنان، ولا يُمكن النظر إلى هذا الهجوم على أنه مجرد تحرّك عسكري عابر، بل هو انعكاسٌ لتحولاتٍ جيوسياسية عميقة، وتغيّر في موازين القوى على الأرض. ويهدف هذا الهجوم، الذي يستهدف المناطق المحيطة بحلب ويتقدم نحو ضواحيها، إلى إضعاف قبضة النظام على المدينة، وإعادة إشعال فتيل الحرب في سوريا. وقد يُفضي نجاح فصائل المعارضة في اختراق حلب إلى زعزعة استقرار الوضع بشكل خطير، وتغيير مسار الصراع برمّته.
تعكف تركيا منذ عقود على تطوير قدراتها العسكرية المُصنَّعة محليًا، بما في ذلك الطائرات بدون طيار (المُسيَّرات)، في محاولة لتقديم نفسها كقوة إقليمية صاعدة جديدة قادرة على التأثير في السياسة العالمية. كما أدركت تركيا أهمية المُسيَّرات في دعم القوات البرية، من خلال توفير خدمات المراقبة الجوية وجمع المعلومات الاستخباراتية عن حزب العمال الكردستاني (الذي تصنفه أنقرة منظمة إرهابية)، مما زاد من دوافعها لتطوير مُسيَّرات محلية الصنع. علاوةً على ذلك، ونظرًا لعدم فرض قيود على استيراد التكنولوجيا من القوى الغربية التي تختلف مع تركيا في وجهات النظر حول قضايا اللاجئين والحرب الأهلية السورية والصراع الليبي، أولت أنقرة اهتمامًا كبيرًا بتطوير مَركبَاتها الجوية غير المأهولة، المعروفة إعلاميًا باسم المُسيَّرات، في محاولة لسد فراغ عدم امتلاكها طائرات مُتقدِّمة مثل "إف-22" أو "إف-35". يستكشف هذا التحليل الأسباب المختلفة التي دفعت تركيا لتطوير مَركبَات جوية غير مأهولة، إلى جانب المزايا والتحديات التي شهدتها الدبلوماسية التركية.
من المعروف أن الصين تستخدم قوتها الاقتصادية للتغلغل في الدول النامية، خاصةً الدول التي تعاني من صدمات اقتصادية، من خلال تقديم قروض غير مشروطة وزيادة استثماراتها في البنية التحتية. علاوة على ذلك، تتجنَّب الصين مخاطر الاستثمار في البلدان الهشة أو البلدان التي مزقتها الحروب الأهلية؛ لأنها قد لا تُمَثِّل بيئة آمنة للاستثمارات طويلة الأجل. وفي ليبيا، حافظت الصين على نفس السياسة، وتجنَّبت الاضطلاع بدور حاسم في التأثير على نتائج النزاع الليبي. ولكن الصين فضَّلت الحفاظ على علاقة قوية مع الأطراف المحلية المختلفة المنخرطة في هذا النزاع؛ للحفاظ على مصالحها، ولضمان وجود دور اقتصادي لها في مستقبل البلاد. وسيتناول هذا التحليل الدور الصيني في ليبيا وآفاقه المستقبلية.