تقوم فلسفة منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) على تعزيز السلام والاستقرار وحماية أمن أعضائه من خلال تحالف دفاعي أوروبي وأمريكي شمالي. ويتمتع الحلف بـ "سياسة الباب المفتوح"، التي تنص على أن أي دولة أوروبية مستعدة وراغبة في الاضطلاع بالتزامات وتعهدات العضوية فيرحب بتقدمها بطلب العضوية. ويجب الموافقة على أي قرارات بشأن التوسع بإجماع الأعضاء البالغ عددهم 30 عضو حالياً. وأهم ما يميز الحلف المادة الخامسة من معاهدة واشنطن الخاصة بالدفاع الجماعي والتي تجعل من حلف الناتو تحالفًا قويًا يوفر ضمان أمني من خلال الرد العسكري وحماية أي دولة عضو إذا تعرضت لهجوم.
ونتيجة تزايد المخاوف الأمنية من طموحات روسيا لمزيد من التوسع في أوروبا بعد العملية الخاصة التي أطلقتها روسيا في أوكرانيا فبراير عام 2022. فاجأ القرار التاريخي لهلسنكي وستوكهولم الجميع بشأن طلبهم للانضمام إلى الناتو في قمة الحلف التي عقدت في مدريد مايو عام 2022 بعد عقود من عدم الانحياز العسكري، إذ ظلت فنلندا تحافظ على حيادها بعدم الانضمام إلى مثل هذه التحالفات للحفاظ على علاقاتها مع روسيا، بينما بقيت السويد خارج الناتو لأسباب أيديولوجية.
وكان من المتوقع أن يتم قبول الثنائي الاسكندنافي بسرعة كعضوين في التحالف الدفاعي نتيجة للظرف التاريخي الذي تشهده أوروبا. ولكن أوقفت تركيا - أحد أعضاء الحلف الأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية والعسكرية- محاولة الناتو لتسريع طلبات فنلندا والسويد مبررة إن عضويتهما ستجعل من أراضي دول الحلف "مكانًا يتركز فيه ممثلو المنظمات الإرهابية". ولكن سرعان ما استطاعت فنلندا الوصول إلى حل مع تركيا من أجل موافقتها على عضويتها في خطوة تثير المخاوف من أن تتخلف السويد عن الركب في الوقت الحالي ، خصوصًا في ظل تمسك تركيا بمراوغاتها مع السويد واستمرارها في عرقلة طلب ستوكهولم.
استنادا إلى ما سبق يسعى التحليل الراهن إلى الوقوف على الأهمية الاستراتيجية لكل من السويد وفنلندا بالنسبة لروسيا والناتو، والأسباب وراء عرقلة تركيا طلب انضمام السويد، للوقوف على مستقبل عضوية السويد في الحلف في ظل المستجدات الأخيرة.
ارتبط تأسيس حلف الناتو بالحرب الباردة، حيث كون الغرب هذا التكتل لمواجهة النفوذ الروسي في العالم بشكل عام وأوروبا على وجه الخصوص، وتم تأسيس الحلف في عام 1949 من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية، وذلك لتحقيق الدفاع المشترك ضد تهديدات الاتحاد السوفيتي خلال فترة الحرب الباردة. ومنذ ذلك الحين، توسع الحلف ليضم في عضويته 30 دولة وتحول إلى مؤسسة عسكرية وسياسية تهدف إلى حماية وتعزيز الأمن والاستقرار في أوروبا والعالم.
وحتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فإن علاقة حلف الناتو بروسيا ظلت مُتوترة في مُعظم الأحيان، حيث سعى الحلف دائمًا في اتجاه التوسع عبر أربع موجات مُتتالية بدأت عام 1991، عندما ضم ثلاث دول في أوروبا الشرقية وهي التشيك والمجر وبولندا، ثم في عام 2004 جرى التوسع الثاني ليضم الحلف سبع دول مُعظمها من دول الجوار الاستراتيجي الروسي، ما أثار قلق روسيا التي شعرت بأن هذا التوسع يشكل تهديداً لأمنها القومي، ما دفعها -بجانب عوامل أخرى- للتدخل في جورجيا عبر معركة سريعة عام 2008 والتي بدأت على إثرها الموجة الثالثة من التوسع بانضمام كرواتيا وألبانيا في 2009، ما زاد العلاقات توترًا، ورغم أن حلف الناتو قدم عروضاً للتعاون والشراكة مع روسيا، إلا أن العلاقات بين الجانبين تدهورت بشدة بعد الأزمة الأوكرانية في عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، ما حفز موجة جديدة كادت تنتهي بانضمام أوكرانيا، ما دفع روسيا لبدء عمليتها العسكرية الموسعة في عام 2022، والتي لازالت جارية وتلقي بتداعياتها على أوروبا والعالم، ويوضح الشكل التالي موجات وتواريخ ودوافع انضمام الدول الأوروبية إلى حلف الناتو.
بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، تكثفت جهود التعاون بين الناتو وفنلندا والسويد، حيث وقعت الدولتان على اتفاقيات دعم الدولة المضيفة مع الحلف وحصلتا على فرص تعزيز شراكتهما في قمة ويلز في سبتمبر من ذلك العام. كما حطمت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا عام 2022 العديد من الافتراضات القديمة، ما أدى إلى تغيير الوضع السابق وتصاعد اتجاهات المواطنين في فنلندا والسويد لدعم مساعي حكوماتهما للحصول على عضوية الناتو، وهو ما عززه كون هلسنكي وستوكهولم مقربتان من الناتو، لا سيما منذ عام 2014، حين أرسلتا جنودًا إلى أفغانستان، وشاركتا في مناورات الناتو، وتبادلتا المعلومات الاستخباراتية، وانضمتا إلى اجتماعات الحلف، وتشعر الدولتان بالقلق إزاء النشاط العسكري الروسي في المنطقة والتدريبات العسكرية الروسية الكبيرة المجاورة لحدودهما، لذا ترغب الدولتان في التحصن بالمادة الخامسة من ميثاق الحلف.
كما تواجه فنلندا أيضًا تحديات مرتبطة بتدفقات الهجرة غير الشرعية، حيث تعتبر فنلندا نقطة تحول مهمة للمهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون الوصول إلى الاتحاد الأوروبي. ومن ناحية أخرى، تواجه السويد تحديات أخرى مرتبطة بتصاعد معدلات الجرائم المنظمة، حيث يشكل تدفق الأسلحة غير المشروعة والمخدرات والتهريب جزءًا من هذه التحديات.
تتمتع فنلندا والسويد بأهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا والناتو، حيث تقع الدولتان في منطقة حيوية من الناحية الجيوستراتيجية والتي تعد نقطة تقاطع بين أوروبا وروسيا.
تعتبر فنلندا والسويد منطقة حيوية لروسيا من الناحية الجيوسياسية، حيث تقع الدولتان على الحدود الشمالية لروسيا وهي منطقة مهمة جداً للدفاع الروسي ولتطوير العلاقات الاقتصادية مع أوروبا، ونتيجة لهذه الأهمية عرضت روسيا حوافز على فنلندا والسويد لضمان الحفاظ على حيادهما وعرقلة مساعيهما للانضمام إلى الناتو، وشملت هذه الحوافز مشاريع بنية تحتية مشتركة وزيادة التعاون في مجال الطاقة، مثل خط أنابيب نورد ستريم، الذي ينقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق. بالإضافة إلى الحافز الأمني من خلال زيادة التعاون بين روسيا والبلدين عن طريق تنفيذ تدريبات عسكرية مشتركة وإجراءات للحماية من الهجرة غير الشرعية حيث يتسلل العديد من المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون الوصول إلى الاتحاد الأوروبي عبر البلدين بالإضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون في جهود مكافحة الإرهاب.
يمثل انضمام السويد وفنلندا لحلف “الناتو” نهاية لقبضة روسيا في منطق البلطيق وحرمانها من الإبحار في البلطيق، فستواجه روسيا ضغطًا بحريًا كبيرًا حيث تمتلك السويد أكبر مجال بحري في بحر البلطيق مع إمكانية الوصول الحر إلى بحر الشمال عبر مدينة غوتنبرج وتزداد أهمية السويد من خلال جزيرة جوتلاند الواقعة في طريق الملاحة والتي تبعد عن القاعدة البحرية الروسية في كالينينغراد 260 كم مما يؤدي إلى عزل هذه القاعدة البحرية. علاوة على تحكم السويد والدنمارك في مضيق أوريسند الممر الوحيد للخروج من منطقة البلطيق. كما أن موقع فنلندا يجعل وضع القوات الروسية مكشوفة عسكرياً حيث تشارك فنلندا الحدود البرية مع روسيا والتي يبلغ طولها 1340 كم. كما تبعد مدينة هلسنكي عن مدينة سانت بطرسبرج 260 كم مما يسهل استهدافها بالمدفعية الفنلندية.
على الرغم من صغر حجم جيشيهما نسبيا إلا أن الموقع الجغرافي لكل منهما يجعل أهميتهما الاستراتيجية بالنسبة للناتو تفوق عتادهم العسكري، فالقوات الفنلندية مدربة بشكل رئيسي على صد أي هجوم عسكري روسي كما تمتلك أقوى سلاح مدفعية في أوروبا، وفي حالة الهجوم الروسي سوف يكون من السهل على فنلندا تعبئة الألاف من مواطنيها. كما تعتبر فنلندا والسويد أيضاً منطقة مهمة للاستخبارات الأمريكية والناتو في العمليات الاستخباراتية ضد روسيا.
هناك عوامل عدة تؤثر على سياسة تركيا تجاه حلف الناتو. من بين هذه العوامل هي العلاقات الثنائية بين تركيا والدول الأعضاء في الحلف، وخاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن والدفاع. على سبيل المثال، تواجه تركيا تحديات أمنية حقيقية من الأنشطة الإرهابية والصراعات الإقليمية في المنطقة ولا تجد أي صدي من أعضاء الحلف لمواجهة هذه التحديات. ولذلك يتباين الموقف التركي حيال الموافقة على انضمام كلاً من الثنائي الاسكندنافي فيما يلي:
السويد:
فيما يتعلق بالأسباب الكامنة وراء عرقلة تركيا لانضمام السويد تعددت الأسباب فينظر إليها على أنها معقدة ومتشابكة، ويمكن إجمالها فيما يلي:
تجنب أخطاء الماضي:
بعد الغزو التركي لقبرص في عام 1974، قررت اليونان الخروج من حلف الناتو. وبعد ست سنوات، عبرت اليونان عن رغبتها في العودة إلى الحلف وكانت بحاجة لموافقة تركيا، حيث سارعت تركيا للموافقة على عودة اليونان دون أي شروط بعد حرب قبرص التي نشبت بين البلدين في عام 1974. ولكن في الوقت الحالي، تعتبر أثينا وحلفاؤها القبارصة عقبة رئيسية أمام محاولة تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كما رفضت اليونان خطة الأمم المتحدة لتوحيد قبرص عام 2004. وتستمر الخلافات الإقليمية بين تركيا واليونان في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط، وبالتالي، فإنه من غير المرجح أن تسمح تركيا بانضمام السويد إلى حلف الناتو ما لم تُحل الخلافات القائمة بينهما. ويمكن أن يتطلب ذلك التزامًا واسعًا وعلنيًا من السويد بالتضامن مع تركيا ضد الجماعات الكردية، وهو الأمر الذي يمكن أن يحظى باهتمام تركيا.
إسقاط حظر الأسلحة المفروض على تركيا:
لعب المقاتلين الأكراد المرتبطين بحزب العمال الكردستاني دورًا مهمًا في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا، وذلك بفضل خبرتهم العسكرية وقدرتهم على مواجهة التنظيم المتطرف. وتلقوا دعمًا من الولايات المتحدة وأوروبا، بما في ذلك السويد، مما أثار غضب تركيا بشدة، حيث تعتبر الأكراد عدوًا تاريخيًا لها وترى أن تسليحهم يخدم أجنداتهم الانفصالية في سوريا، ويدعم مطالبهم بالانفصال عن تركيا. وعلى النقيض، فإن الحكومات الغربية شكلت دعمًا قويًا للمقاتلين الأكراد، مما أدى إلى تدهور العلاقات بين تركيا والغرب عندما شنت تركيا عملياتها ضد وحدات حماية الشعب الكردية، حيث أدانتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفرضت العديد من الدول الأوروبية حظرًا على صفقات الأسلحة مع تركيا. وطالبت أنقرة السويد وفنلندا بتقديم ضمانات أمنية صريحة ورفع حظر تصدير السلاح إلى تركيا، وفي هذا الإطار، و ترى تركيا أنها لن تقبل توسيع الناتو وضمه دولاً جديدة الدول تحظر صفقات الأسلحة لتركيا.
التصدي للمد الكردي:
يُعتبر الشعب الكردي أكبر مجموعة عرقية بدون وطن في العالم، ويُقدّر عدده بحوالي 30 مليون نسمة، ويتميز بوجود لغته وعاداته الموحدة والمستقلة. ويبلغ عدد الأكراد في تركيا حوالي 20٪ من إجمالي السكان البالغ عددهم 84 مليون نسمة، ويشغل بعضهم مناصب مهمة في المجتمع التركي، لكنهم يواجهون التمييز وحملات قمع من الحكومة التركية عبر حزب العمال الكردستاني، وهو حركة انفصالية كردية تقاتل القوات التركية بشكل متقطع منذ الثمانينيات، وتسعى إلى إقامة دولة مستقلة في تركيا ودول المنطقة. يتم تصنيف الحزب على أنه منظمة إرهابية في تركيا والعديد من الدول الأخرى، وتصر أنقرة على أن يعترف أي مرشح جديد لعضوية الناتو بمخاوفها بشأن الجماعات الكردية، وهو ما أصبح مصدرًا رئيسيًا للتوتر داخل الحلف. كما تطالب بأن تدين السويد وفنلندا علنًا حزب العمال الكردستاني والشركات التابعة له قبل السماح لهما بالانضمام إلى الناتو.
محاولة لكسب التأييد الداخلي مع قرب الانتخابات
في ظل محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تمديد فترة حكمه مع اقتراب موعد الانتخابات في مايو 2023، وسعيه إلى كسب مزيد من الدعم من قبل أنصاره القوميين لتحقيق ذلك. ومع ذلك، يواجه أردوغان ائتلافًا من ستة أحزاب وغضبًا شعبيًا متزايدًا بسبب الزلزال الذي وقع في فبراير 2023 وأسفر عن وفاة حوالي 46 ألف شخص وإصابة آلاف آخرين، بالإضافة إلى وفاة أكثر من سبعة آلاف شخص عبر الحدود في سوريا وما تبعه من تحقيقات وفضائح مرتبطة بقضايا فساد أثيرت عقب الزلزال، ومع تراجع معدلات تأييده بسبب الاقتصاد المتعثر، والتضخم المتصاعد، وأزمة غلاء المعيشة، وانخفاض قيمة العملة بشكل حاد خلال العام الماضي، يسعى أردوغان إلى إظهار أهميته العالمية للناخبين الأتراك وجذب دعم الأصوات القومية والإسلامية. وفي هذا السياق، يتقدم المعارض كمال كليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، في استطلاعات الرأي على أردوغان، ما دفع الأخير إلى استخدام خطاب شعبوي ونبرة قومية لجذب دعم الناخبين القوميين-الإسلاميين وحشد أتباعه مرة أخرى.
ورقة للضغط على أعضاء الحلف
يسعى الرئيس التركي إلى استغلال عضوية بلاده في الحلف للضغط على الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين للحصول على تنازلات فيما يتعلق بعدة ملفات، بما في ذلك إعادة تفعيل برنامج تصنيع طائرات F-35 المقاتلة الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي تم طرد تركيا منه عقب شرائها أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية S-400. كما تسعى تركيا لشراء مجموعة جديدة من طائرات F-16 وتحديث أسطولها الحالي منها. ومن بين المطالب المحتملة الأخرى التي يمكن أن تدخل في الصورة، إنهاء الحظر غير الرسمي على المبيعات العسكرية لتركيا، وتنازلات من دول الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمحاولة تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى زيادة المساعدات المالية لتركيا لدعم اللاجئين السوريين الذين يزيد عددهم عن 3.7 مليون شخص.
فنلندا:
تختلف علاقة تركيا بفنلندا عن علاقتها بالسويد، حيث إن موقف تركيا من انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي أقل حدة، نظرًا لأن فنلندا لديها عدد أقل من السكان الأكراد مقارنة بالسويد. علاوة على ذلك، فإن فنلندا أعلنت حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية، وهو الأمر الذي يجعل التوتر مع تركيا أقل نسبياً من الوضع المعقد مع السويد، على الرغم من أن سياساتهما الخارجية متشابهة. ومع ذلك، انضمت فنلندا إلى السويد ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى في وقف مبيعات الأسلحة إلى تركيا في عام 2019 بسبب التحركات العسكرية التركية ضد الجماعات الكردية في سوريا. كما أنهى الرئيس التركي في 17 مارس 2023 شهورًا من التأخير الدبلوماسي وطلب من البرلمان الإسراع في دعم محاولة فنلندا للانضمام إلى حلف الناتو، معلنًا أن تركيا تمنح الموافقة على ذلك بعد تبني فنلندا خطوات للوفاء بوعودها بمواجهة ما تعتبرهم أنقرة إرهابيين، وإلغاء حظر تصدير صناعتها الدفاعية إلى تركيا.
ختاماً، واستنادا إلى ما سبق تشهد العلاقات بين تركيا والسويد توترًا في الآونة الأخيرة بسبب خلافات سياسية وحقوقية بين البلدين. وتسعي تركيا إلى تحقيق مصلحها واستغلال فرصة انضمام السويد لحلف الناتو لتصفية حساباتها القديمة وتحقيق مصالحها من خلال الضغط على السويد والغرب لحلحلة القضايا الشائكة على حساب عضوية السويد. وهو ما ظهر في الاعتبارات التي وافقت تركيا على أساسها لقبول انضمام فنلندا إلى حلف الناتو دون السويد. لذلك، قد يواجه الناتو حالة من الجمود لبعض الوقت إذا لم يكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان راضيًا عن استجابة السويد لمطالبه. وسيسعى أردوغان إلى تحسين شعبيته المتضائلة على المستوى المحلي واستغلال الفرصة الذهبية لجذب اهتمام عالمي إلى قضية قريبة من قلبه، وهي قضية الأكراد، بالإضافة إلى سعي تركيا إلى الحصول على تنازلات فيما يتعلق بصفقة طائرات F-16 والوصول إلى مشروع F-35 الأمريكي مرة أخرى.
ومن المتوقع أن تركيا لن تمنع قبول عضوية السويد في الناتو، إلا أنها تريد أن تحصل على بعض التنازلات من السويد كثمن للموافقة على السماح لها بالانضمام إلى الحلف. ومن بين هذه التنازلات، رفع حظر الأسلحة المفروض على تركيا، والحصول على ضمانات أمنية بشأن دعم الأكراد. ومع اقتراب الانتخابات في السويد في سبتمبر المقبل، وقد لا يكون من السهل على الحكومة السويدية تقديم تنازلات كبيرة لأردوغان على غرار ما فعلته فنلندا، وذلك خوفًا على شعبيتها في الداخل.
تم