خطة مركز الحبتور لإعادة إعمار غزة
الإصدارات
20 فبراير 2025

خطة مركز الحبتور لإعادة إعمار غزة

يرزخُ قطاع غزة تحت وطأة أزمة متشابكة، أفرزتها دوامات الصراع والدمار التي لا تهدأ، لتتجاوز آثارها مجرد أنقاض متناثرة أو بنى تحتية متهالكة. فالدمار المتكرر لم يقتصر على العمران فحسب، بل امتد ليضرب شرايين الاقتصاد، ويُضعف النسيج الاجتماعي، ويترك سكان القطاع عالقين في دوامةٍ لا تنقطع من الهشاشة والمعاناة. وفي ظل هذا الواقع المرير، يصبح التعافي أكثر من مجرد عملية إعادة إعمار، بل هو ضرورة تستوجب رؤيةً شاملة ونهجًا تحويليًا يعيد الحياة إلى القطاع ويمنحه أفقًا جديدًا للاستقرار والازدهار. وعلى الرغم من أهمية جهود إعادة الإعمار التقليدية، إلا أنها غالبًا ما تقتصر على المهمة العاجلة المتمثلة في إعادة بناء ما تهدّم، متجاهلةً بذلك الجذور العميقة للأزمة. وبرغم نواياها الحسنة، أخفقت هذه الجهود مرارًا وتكرارًا في التصدي للتحديات الاقتصادية والأزمات السياسية التي تغذي حالة عدم الاستقرار، ما يعيق أي تقدم مستدام ويجعل الإعمار حلقة مفرغة تكرر نفسها دون تحقيق تحول حقيقي. ومن هذا المنطلق، يقدم هذا التقرير رؤيةً جديدة لإعادة إعمار غزة، تتجاوز الحلول التقليدية نحو نهجٍ متكامل ثلاثي الأبعاد لا يقتصر على الإغاثة الإنسانية العاجلة فحسب، بل يربطها أيضًا باستراتيجياتٍ بعيدة المدى تعزز الاستدامة الاقتصادية، وتمهد الطريق نحو سلامٍ شامل ومستدام. ويعتمد هذا النهج الشمولي على قناعةٍ راسخة بأن التعافي الحقيقي لا يقتصر على إعادة بناء شبكات البنية التحتية فحسب، بل يتطلب أيضًا خلق فرص اقتصادية، وتعزيز الحوكمة، وترميم النسيج الاجتماعي. فمن خلال هذه الركائز الثلاث، لا تقتصر عملية إعادة الإعمار على معالجة آثار الدمار، بل تسعى إلى كسر دوامة الصراع وفتح آفاق جديدة لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لسكان غزة؛ فهذا النهج ثلاثي الأبعاد ينبع من رؤية شاملة تُعالج الأزمة من مختلف أبعادها، بدلًا من الاكتفاء بمعالجة جانبٍ واحدٍ منها فقط.
هل تتحول الضفة الغربية إلى غزة أخرى؟
البرامج البحثية
18 فبراير 2025

هل تتحول الضفة الغربية إلى غزة أخرى؟

شهدت الضفة الغربية في الأشهر الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في أعمال العنف، إذ يرتبط توقيت هذا التصعيد ارتباطًا وثيقًا باتفاق وقف إطلاق النار في غزة. فبينما ترفض العناصر اليمينية اتفاق الهدنة، يُقال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مضطر لإرضاء تلك العناصر داخل ائتلافه الحاكم. ونتنياهو، الذي يُعتقد أنه تعرض لضغوط لقبول الاتفاق، لا يجد بديلًا لإرضاء اليمين المتطرف سوى تحويل مسار الحرب إلى الضفة الغربية. وعلى الرغم من أن هذا التفسير ليس خاطئًا تمامًا، إلا أن هناك تحليلًا آخر يشير إلى أن ما يحدث في الضفة الغربية هو جزء من خطة إسرائيل التوسعية التي تهدف إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية. وتسعى إسرائيل، من خلال المناورات القانونية والسياسية، إلى تحويل الضفة الغربية إلى "غزة جديدة"، مما قد يؤدي إلى تداعيات إقليمية أوسع.
تفكيك القضية: هل تنجح إسرائيل في تصفية الأونروا خلال ولاية ترامب الثانية؟
الإصدارات

تفكيك القضية: هل تنجح إسرائيل في تصفية الأونروا خلال ولاية ترامب الثانية؟

في خطوة تصعيدية، حدد السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة في رسالة للأمين العام للأمم المتحدة، داني دانون، مهلة لوكالة الأونروا لوقف عملياتها وإخلاء مبانيها بحلول 30 يناير 2025، وتأتي هذه الخطوة بعد مصادقة إسرائيل أكتوبر الماضي على قانون يحظر أنشطة الوكالة الأممية في إسرائيل، بما في ذلك القدس الشرقية المحتلة، على خلفية اتهام إسرائيل للأونروا بأنها مخترقة من قبل حركة حماس، مدعية مشاركة بعض موظفيها في هجمات 7 أكتوبر 2023.   يستكشف هذا التقدير العلاقة المعقدة بين الأونروا وإسرائيل، ويكشف النوايا الأمريكية المحتملة لتصفية الوكالة، خاصة مع عودة دونالد ترامب إلى السلطة وتصريحاته الأخيرة بشأن تهجير سكان قطاع غزة، وتداعيات هذا الحظر.
الحروب واللاجئون: في إسرائيل وخارجها
البرامج البحثية
10 أكتوبر 2024

الحروب واللاجئون: في إسرائيل وخارجها

أطلق الجيش الإسرائيلي حملة تجنيد تعرض على طالبي اللجوء الإقامة في إسرائيل مقابل الخدمة في الجيش الإسرائيلي، حيث تعاني الحكومة الإسرائيلية بالفعل من نقص في القوى البشرية اللازمة لحربها على مختلف الجبهات وتحديدًا غزة وعلى طول الحدود اللبنانية. وفي حين أن هذه السياسة ليست فريدة من نوعها بالنسبة لإسرائيل، إلا أنها تثير قضايا قانونية وإنسانية كبيرة وتزيد من حالة عدم اليقين بالنسبة للاجئين وطالبي اللجوء في أوروبا. ومع الضغوط الناجمة عن حرب روسيا وأوكرانيا ومعضلات التجنيد الإجباري، هناك مخاوف من أن أوروبا قد تتبنى استراتيجيات مماثلة، مما يضيف المزيد من عدم الاستقرار إلى السكان المعرضين للخطر.
عام من الحرب: فاز نتنياهو وخسرت إسرائيل
البرامج البحثية
6 أكتوبر 2024

عام من الحرب: فاز نتنياهو وخسرت إسرائيل

انقضى عام كامل على عمليات حركة حماس في غُلاف غزة، والتي تعد أول اجتياح فلسطيني للداخل الإسرائيلي مُنذ حرب تأسيس إسرائيل في خمسينيات القرن الماضي، أُسر على إثرها عشرات الإسرائيليين، وقُتل المئات، وبدأت إسرائيل على إثرها أشد عملياتها العسكرية مُنذ حرب السادس من أكتوبر ١٩٧٢، في مُحاولة لاستعادة قدراتها المُبعثرة على الردع، وهيبتها المفقودة في الإقليم، شنت خلالها عشرات الآلاف من الهجمات، واستخدمت خلالها عشرة آلاف قذيفة في المتوسط شهريًا مُنذ بداية الحرب ، تضرر خلالها ١٦٣.٧ ألف مبنى وهو ما يمثل ٦٦٪ من إجمالي مباني القطاع ، منها ٥٢.٥ ألفًا مُدمرة بالكامل ، كما قُتل على إثرها أكثر من ٤١ ألفًا من الفلسطينيين وما زالت الخسائر مستمرة، لم يتوقف هذا الدمار عند غزة فقط، لكن تكلفة إحداثه والاستمرار فيه لمُدة عام كامل كانت باهظة على إسرائيل التي تلقت كذلك آلاف الهجمات الصاروخية، التي وإن كانت لم تُصب بنيتها التحتية بالقدر الكافي، لكنها انعكست وبشدة على اقتصادها وسُمعتها كاقتصاد مُتقدم وآمن، الأمر الذي يدفعنا لدراسة أثر الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي خلال العام الماضي، وتوقع آثارها المُستقبلية.
عام من الحرب على غزة: من الخاسر ومن المستفيد؟
البرامج البحثية
5 أكتوبر 2024

عام من الحرب على غزة: من الخاسر ومن المستفيد؟

دخلت الحرب على قطاع غزة عامها الثاني منذ مباغتة الفصائل الفلسطينية لإسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 محطمة معها شعور الإسرائيليين بالأمن والثقة في جيشهم ووكالات استخباراتهم، وشن الجيش الإسرائيلي على صدى الاجتياح هجومًا مروعًا على غزة أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 41,500 شخص وإصابة 96,000 آخرين. علاوة على، فرض حصار عقابي متمثل في خنق إمدادات الغذاء والطاقة والماء والأدوية التي تشتد الحاجة إليها في ظل وجود نظام صحي هش في القطاع، وتدمير البنية التحتية الحيوية في غزة، ومخزون الإسكان، والاقتصاد، والأراضي الزراعية، وأساطيل الصيد إلى حد كبير إلا أن وصل الأمر أن ما يقرب من نصف مليون شخص انعدام الأمن الغذائي.   وكما أجبرت إسرائيل قاطني القطاع مرارًا وتكرارًا على النزوح إلى مناطق أصغر وأصغر إلى أن وصل عدد النازحين إلى ما يقرب من 1.9 مليون شخص. وقد دفع إجمالي الدمار الأمم المتحدة إلى إصدار تحذيرات متعددة بأن تصرفات إسرائيل تجعل غزة غير صالحة للعيش.   وبعد مرور عام على الحرب لم تستطع إسرائيل تحقيق أي من أهدافها من الحرب فلم يتم القضاء على حركة حماس، ولم يفرج عن الأسرى المحتجزين لدى فصائل المقاومة في حماس، بل امتد الصراع وتصاعدت معه أعمال العنف بدءاً من الضفة الغربية ليصل أتون الحرب إلى تصعيد حاد بين إسرائيل وإيران ووكلائها في المنطقة. مما جعل الشرق الأوسط يقف على شفا حرب شاملة بين إسرائيل وإيران ووكلائها. مع تلاشي الآمال في التوصل إلى وقف إطلاق النار واتفاق الأسرى، ويظل السؤال المطروح الآن من الخاسر ومن المستفيد من هذا الصراع، متى وكيف ستنتهي حرب إسرائيل، وما الذي سيتبقى منها عندما تنتهي؟   ويسلط هذا التحليل الضوء على مكاسب وخسائر أهم أطراف الصراع كما يلي:
الصعود الصامت: كيف تغير الصين وجه الشرق الأوسط
الإصدارات

الصعود الصامت: كيف تغير الصين وجه الشرق الأوسط

توسطت الصين في حوار للمصالحة الفلسطينية في بكين، ونجحت في رأب الصدع بين السعودية وإيران. وتشير هذه الخطوات إلى تغير في نهج الصين في الشرق الأوسط، حيث أصبحت لاعباً فاعلاً في المنطقة من خلال توسيع سياساتها لتشمل اعتبارات سياسية واستراتيجية، بالإضافة إلى مصالحها في مجال الطاقة. وقد جذبت سياستها "غير التدخلي" العديد من دول المنطقة، التي ترى في علاقاتها المتنامية مع بكين وسيلة للتنويع. ومع ذلك، فإن انخراط الصين المتزايد قد يشكل تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة. ففي الوقت الذي ازداد فيه اهتمام واشنطن بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، برزت الصين كلاعب فعال في الشرق الأوسط، حيث أعادت تشكيل ديناميكيات الأمن الإقليمي، ووقعت شراكات استراتيجية ومذكرات تفاهم لأنشطتها الاقتصادية مع معظم دول الشرق الأوسط. بالإضافة إلى، توثيق علاقاتها مع مختلف المنظمات الإقليمية على مدى العقدين الماضيين. وتُظهر المبادرات الدبلوماسية الصينية الأخيرة استثمار بكين العميق في مواصلة تطوير العلاقات مع دول الشرق الأوسط، حيث عقدت بكين القمة العربية الصينية، والقمة الخليجية الصينية، لتظهر التزامها بتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين دول المنطقة وتعزيز التنمية الاقتصادية بما يتجاوز مصالحها التقليدية في مجال الطاقة. وينظر إلى المشاركة المتزايدة للصين في الشرق الأوسط كعامل هام في تشكيل المشهد الجيوسياسي للمنطقة وله آثار كبيرة على السياسة العالمية. مما يطرح تساؤلاً  فكيف يختلف النهج الصيني عن نظيره الأمريكي؟
زيارة السيسي إلى أنقرة: تطور دبلوماسي هام في وقت حرج
البرامج البحثية
5 سبتمبر 2024

زيارة السيسي إلى أنقرة: تطور دبلوماسي هام في وقت حرج

في خطوة ذات دلالات سياسية واقتصادية كبيرة، قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارةً رسمية إلى أنقرة في 4 سبتمبر 2024. وتأتي هذه الزيارة التي طال انتظارها بعد أشهرٍ من زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمصر في وقت سابق من هذا العام ودعوته للرئيس السيسي لزيارة أنقرة. وتهدف الزيارة الحالية التي تُعتَبر نقطة تحول في العلاقات المصرية التركية إلى تعزيز التعاون الثنائي وفتح آفاق جديدة للتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية بعد عقد من القطيعة والتوتر في العلاقات بين البلدين.   وتحظى زيارة الرئيس المصري إلى تركيا بأهميةٍ خاصة باعتبارها تتويجا لمرحلة طويلة من المباحثات الهادفة إلى إعادة العلاقات بين مصر وتركيا إلى مسارها الطبيعي عقب جولاتٍ من المباحثات واللقاءات التي اختُتمت بزيارة أردوغان إلى القاهرة في فبراير الماضي والتي شهدت الإعلان عن إعادة تشكيل مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين تركيا ومصر، حيث شارك الزعيمان في رئاسة الاجتماع الأول للمجلس. كما شهد اللقاء استعراضًا شاملًا للعلاقات الثنائية بين مصر وتركيا ومناقشة الخطوات المحتملة لتعزيز التعاون بينهما.   يسلط هذا التحليل الضوء على دوافع هذه الزيارة وتداعياتها على السياسة الإقليمية والتركية.
عودٌ على بدء: انعكاسات تصنيع الذخيرة على الحرب الروسية الأوكرانية
البرامج البحثية

عودٌ على بدء: انعكاسات تصنيع الذخيرة على الحرب الروسية الأوكرانية

تدخل الحرب الروسية الأوكرانية شهرها الثامن عشر، دونما حسم واضح في اتجاه أحد الطرفين، أو حتى سيطرة استراتيجية أو عملياتية من أحدهما، تقربه من فرض موقفه على طاولة المفاوضات، الأمر الذي يُشير إلى أن الصراع قد يستمر لعدة أشهر أخرى على أقل تقدير قبل أن يتجه الطرفين إلى التهدئة، الوضع ذاته في غزة التي تدخل الحرب فيها شهرها الثامن -كأحد أطول الحروب في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي رُبما باستثناء حربي تأسيس إسرائيل، والاستنزاف مع مصر- دونما اقتراب من أي حسم، أو حتى أفق يشير إلى أن طرفي الحرب على وشك الذهاب إلى التهدئة أو حتى أن أحدهما أو كلاهما بات راغب فيها، قد يكتمل عقد الحروب المُمتدة إذا اشتعلت الحرب بين الصين مع أحد جيرانها سواء في مضيق تايوان أو في بحر الصين الجنوبي، الأمر الذي بات غير مُستبعد في ظل انخراط الولايات المُتحدة في مُناوشات سياسية واقتصادية إقليمية ودولية تستهدف المصالح الصينية مُباشرة.   تجمع الحربين القائمتين وتلك المُتوقعة، خصيصتين -بالإضافة إلى أنها استغرقت أو قد تستغرق وقتًا أطول في الحسم مما كان متوقعًا- أولهما أنها تدور في مناطق ذات أهمية استراتيجية فائقة للعالم، سواء في السهل الأوروبي العظيم أحد أخصب أقاليم العالم وأغزر مناطق انتاج الحبوب فيه، أو في قلب الشرق الأوسط عند مُفترق طُرق التجارة العالمية ومسارات الطاقة. ثم أنهما أخيرًا لا تدوران بين دول أو أطراف مُنفردة، بل ضمن تحالفات أوسع، حيث ينخرط في الحرب الروسية الأوكرانية بشكل غير مُباشر كُلا من كوريا الشمالية وإيران إلى جانب روسيا، وحلف شمال الأطلسي إلى جانب أوكرانيا، فيما انخرط في حرب غزة إلى جانب إسرائيل كُلًا من الولايات المُتحدة وبريطانيا وفرنسا، وإلى جانب حماس إيران، حزب الله، الحوثيين، وعدد كبير من الجماعات الشيعية في العراق وسوريا.   هاتين الخصيصتين طبعتا الحربين الجاريتين بخصائص تُشبه جُزئيًا وبشكل مُصغر خصائص الحربين العالميتين الأولى والثانية من حيث كثافة الاستهلاك النيراني وما يُصاحبه من كثافة الوفيات بين الأطراف المُتصارعة، أو من حيث طول خطوط الاشتباك، وبالتالي باتت الحربين تستهلكان كميات هائلة من الذخائر والأسلحة التقليدية وخصوصًا دانات المدافع، حتى استنزفت أو كادت مخزونات القوى المُنخرطة في الصراع، وبالتالي بات الإحلال محلها حتميًا، ما أوصل حرارة المعارك الدائرة إلى خطوط الإنتاج في المصانع، التي -في أغلب الأوقات- كانت غير قادرة على الوفاء باحتياجات  الجبهة أو أغراض إعادة استيفاء المخزون، ما أسفر في النهاية عن نُدرة شديدة في الذخائر على كل الجبهات لدى كُل الأطراف.   حولت هذه النُدرة الحرب إلى سلسلة من المعارك الصناعية يتفوق فيها الطرف ذا القُدرة الصناعية الأكبر، حيث يكون قادر على إمداد قواته بمزيد من الذخيرة التي تعطيها اليد الأعلى في المعركة، وبالتالي تحولت الصناعة بشكل مُباشر إلى أحد مُقومات الأمن القومي بمعناه شديد الضيق، لذلك تُحلل هذه الورقة انعكاسات القُدرة الصناعية على الحرب الروسية الأوكرانية من خلال سلاح المدفعية لدى الطرفين.
ما وراء هجوم مجدل شمس؟
البرامج البحثية

ما وراء هجوم مجدل شمس؟

غير الصراع في غزة قواعد الاشتباك بين إسرائيل وحزب الله. فقبل السابع من أكتوبر 2023، كان الطرفان يلتزمان بقواعد اشتباك قائمة منذ حربيهما في عام 2006 تقتصر على استهداف الأراضي التي تحتلها إسرائيل مثل مزارع شبعا، ولا تتجاوزها إلى الداخل الإسرائيلي، ولكن على مدى الأشهر التسعة الماضية، تغيرت هذه القواعد، في ظل حالة تصعيد مستمرة لكنها لم ترتقِ إلى مرحلة المواجهة الشاملة.   لكن حزب الله دخل حزب الله على خط المواجهة في غزة بإطلاق الصواريخ على الأراضي التي تحتلها إسرائيل في أكتوبر 2023، كما أنخرط الجانبان في حرب نفسية حيث كان كل جانب ينشر علناً أو يلمح إلى معلومات استخباراتية تم جمعها عن الطرف الآخر. وسرعان ما توسع تورط الحزب ليشمل ضربات أعمق داخل إسرائيل، لترد إسرائيل في البداية بضرب أهداف عسكرية لحزب الله بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية وسلسلة من الاغتيالات لقادة فرقة الرضوان الخاصة التي تسيطر على المنطقة المتاخمة للحدود مع إسرائيل، ثم توسع نطاق هجمات إسرائيل لاحقًا لتشمل مساحة أكبر من جنوب لبنان ووادي البقاع.   استمر الصراع في التطور ليطال قرية مجدل شمس وهي قرية درزية في مرتفعات الجولان، حيث يزعم المتحدث العسكري للجيش الإسرائيلي أن الصاروخ الذي استهدف القرية من طراز فلق (1) إيراني الصنع، وتم أطلاقه من شمال قرية شبعا جنوب لبنان، وأن حزب الله وراء هذا الهجوم. بحسب الرواية الإسرائيلية ورد حزب الله وما آلت إليه التحقيقات الأولية فمن المرجح أن يكون الصاروخ، إيراني الصنع، قد أطلق فعليًا من الأراضي اللبنانية، من مزارع شبعا تحديدًا، كما ذكرت بعض المصادر، لكن لم يكن الهدف منه السقوط في مجدل شمس، لكن اعتراض صاروخ إسرائيلي له أدى إلى سقوطه في تلك المنطقة.
قوة الكلمة: كيف أعادت الإمارات تعريف الوساطة الدولية؟
البرامج البحثية

قوة الكلمة: كيف أعادت الإمارات تعريف الوساطة الدولية؟

شهد القرن الحادي والعشرون عودة الوساطة كأداة محورية لحل النزاعات الدولية، ويرجع هذا الظهور إلى التعقيدات التي فرضتها الصراعات المعاصرة، و توسع نطاق التهديدات لتتخطي الشكل التقليدي للنزاعات الإقليمية، والحروب الأهلية، والأزمات السياسية، فقد شهد العالم تزايد التهديدات الأمنية غير التقليدية لتشمل قضايا جديدة على رأسها تغير المناخ، والأمن السيبراني، والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية.   وسبق أن تقدمت دول مختلفة للعب أدوار مهمة في هذا المجال، مستفيدة من فطنتها الدبلوماسية ونفوذها السياسي ومواردها الاقتصادية لتسهيل الحوار ووقف التصعيد، ومن بين أبرز الوسطاء، النرويج التي أثبتت باستمرار التزامها تجاه قضايا بناء السلام من خلال مشاركتها الفعالة في حلحلة العديد من الصراعات، من سريلانكا إلى كولومبيا إلى تسهيلها لاتفاقيات أوسلو ليجسد قدرتها على تعزيز الحوار بين خصوم يبدو أنه لا يمكن التوفيق بينهم.   كما قدمت فنلندا، المشهورة بنهجها المتعدد الأطراف، وتأكيدها على بناء الإجماع عدة مبادرات أبرزها مجموعة أصدقاء الوساطة في سبتمبر 2010، والتي لعبت دورًا رئيسيًا في عمليات بناء السلام في القرن الأفريقي، كما وفرت سويسرا، مستفيدة من تقاليدها الطويلة الأمد المتمثلة في الحياد، مكانًا آمنًا ومحايدًا لعدد لا يحصى من محادثات السلام والمفاوضات، مما عزز بيئة مواتية للتسوية والحل.   ووسط كل هذا الزخم شهدت العشرية الأخيرة ظهور جهات فاعلة غير غربية في مجال الوساطة. وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة كلاعب مهم في الشرق الأوسط وخارجه. فمنذ تأسيسها، التزمت دولة الإمارات بنهج يجمع بين القيم العربية التقليدية والممارسات الدبلوماسية الحديثة للتعامل مع التعقيدات الثقافية للصراعات الإقليمية، كما تبنت سياسة تعزيز السلام والأمن والاستقرار في منطقتها والعالم، وتجلى هذا الالتزام في مبادراتها العديدة التي ساهمت في تهدئة الصراعات والأزمات، وأبرزها التوسط في الصراع الدائر في اليمن، والتوفيق بين الهند وباكستان، دورها المحوري في اتفاق السلام التاريخي بين إثيوبيا وإريتريا في عام 2018، وتسهيلها لعمليات تبادل أسرى الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والوساطة بين روسيا والولايات المتحدة، كما نشطت في الساحة متعددة الأطراف من خلال استضافتها لمؤتمر المناخ "كوب 28" في دبي.   ومع الرغم من ذلك، فإن طريق الوساطة لا يخلو من التحديدات. فالتعقيدات المتأصلة في العديد من الصراعات الإقليمية، والمصالح المتضاربة للأطراف المعنية، والحاجة إلى تحقيق التوازن بين جهود الوساطة والمصالح الوطنية، كلها عوامل يمكن أن تعيق تحقيق حلول مستدامة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحفاظ على الحياد في المواقف المستقطبة، ومحدودية النفوذ على الجهات الفاعلة من غير الدول، والقيود المحتملة على القدرات، كلها تحديات يجب على دولة الإمارات التغلب عليها لضمان استمرار نجاح جهودها في الوساطة. لذا يسعي هذا التحليل إلى استعراض دور دولة الإمارات كوسيط دولي صاعد، مع التركيز على العوامل التي مكنتها من الصعود، والاستراتيجيات التي تستخدمها، وتأثيراتها على الصراعات الإقليمية والدولية.
التهديد بالظلام: هل بات حزب الله قادرًا على إعطاب الشبكة الكهربائية الإسرائيلية؟
البرامج البحثية

التهديد بالظلام: هل بات حزب الله قادرًا على إعطاب الشبكة الكهربائية الإسرائيلية؟

فاجأ حزب الله اللبناني السُلطات الأمنية الإسرائيلية والمُتابعين للصراع الجاري في المنطقة خلال يومي ١٩ و٢٢ يونيو، ببث تسجيلين يوثقان صورًا عالية الدقة مُلتقطة من الجو عبر ما يبدو أنه مُسيرة تُحلق على ارتفاعات مُتوسطة  إلى مُنخفضة، وقد تضمن التسجيلين في الأساس بالإضافة إلى المناطق الأمنية والاستراتيجية، مُنشآت لتخزين الوقود، ومحطات حرارية لتوليد الطاقة الكهربائية تقع مُعظمها في مدينة حيفا، بالإضافة إلى أرصفة ميناء ذات المدينة، الأمر الذي يبعث برسالة وعيد مُباشرة مفادها سهولة وصول صواريخ حزب الله ومُسيراته إلى مُنشآت تخزين وإنتاج ونقل الطاقة في إسرائيل، تلى إطلاق هذين التسجيلين عدد وافر من التكهنات التي تفصل في القدرات الصاروخية للحزب، وتُعظم من فرص وصولها إلى هذه المُنشآت بما قد يُصيبها مُباشرة، وبالتالي يُعقد أوضاع الاقتصاد الإسرائيلي الذي يشهد بالفعل أسوأ فتراته على الإطلاق إذا ما استثنيت عشريتي تأسيس الدولة وحرب أكتوبر ١٩٧٣.   على الجانب الأخر لم تتعرض هذه التحليلات في مُعظمها لدراسة الشبكة الكهربائية الإسرائيلية من حيث توزيع مُنشآت التوليد والحمل الكهربائي والحد الأقصى للجهد ومصادر التوليد، حتى تكتمل الصورة، فمجرد وصول صواريخ الحزب إلى المحطات -بافتراض قدرتها على إصابة أهدافها بالقدرة والدقة الكافيتين لتعطيلها- لا يعني خروج الشبكة الكهربائية من الخدمة، أو على الأقل إفقادها قدرًا مُعتبرًا من قدراتها على إنتاج الطاقة الكهربائية بما قد ينعكس بشكل ملحوظ على الحياة في إسرائيل، لذلك يستهدف هذا التحليل استعراض مُنشآت التوليد وقدراتها ومناطق تواجدها في إسرائيل، بغرض استبيان مدى تأثير هجمات الحزب المتوقعة على هذه المُنشآت.