جسر البريكس: هل ستغير روسيا النظام المالي العالمي؟
البرامج البحثية
10 أكتوبر 2024

جسر البريكس: هل ستغير روسيا النظام المالي العالمي؟

يشهد العالم تحولات جيوسياسية متسارعة، يتجلى أحد أهم مظاهرها في سعي قوى عالمية صاعدة لتغيير موازين القوى في النظام المالي العالمي، ويأتي في مقدمة هذه القوى مجموعة البريكس+، التي تضم حاليًا عشر دول بعد انضمام مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا إلى جانب الأعضاء المؤسسين، وتسعى هذه المجموعة إلى التخلص من هيمنة الدولار الأمريكي وإعادة هيكلة النظام المالي العالمي القائم على البنية التحتية الغربية، وذلك نتيجة لما تعتبره عيوبًا هيكلية تجعل منه أداة لفرض الضغوط السياسية والاقتصادية، فضلاً عن مساهمته في التفكك الاقتصادي والجغرافي عبر إساءة استخدام القيود التجارية والمالية.   وتُدرك دول البريكس+ أن هيمنة الدولار ترجع إلى أسباب عميقة الجذور، مثل القوة العسكرية الأمريكية وثقة العالم في النظام القانوني الأمريكي. ومع ذلك، فإن هذه الدول تُسعى إلى إيجاد بدائل لتقليل اعتمادها على الدولار وتعزيز سيادتها المالية.   ولتحقيق هذه الغاية، تكثف مجموعة البريكس جهودها لتقليل الاعتماد على الدولار من خلال آليات مبتكرة، أبرزها إصدار عملة جديدة وإنشاء منصة رقمية متعددة الأطراف للتسوية والدفع باسم "جسر البريكس". ومن المتوقع أن تسهم هذه الآليات في تعزيز التعاون التجاري وتسهيل التبادل بين دول المجموعة، لا سيما في ظل العقوبات المفروضة على بعض أعضائها كروسيا وانقطاعها عن نظام سويفت.    ويراقب العالم عن كثب تقدم قمة دول البريكس المقبلة _ المقرر انعقادها في الفترة من 22 -24 أكتوبر 2024 في مدينة كازان_ في تنفيذ هذه المبادرة، التي قد تعيد تشكيل الطريقة التي تدير بها البلدان التجارة والتمويل الدوليين في السنوات المقبلة. فهل ستنجح روسيا وحلفاؤها في كسر هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي؟
الحروب واللاجئون: في إسرائيل وخارجها
البرامج البحثية
10 أكتوبر 2024

الحروب واللاجئون: في إسرائيل وخارجها

أطلق الجيش الإسرائيلي حملة تجنيد تعرض على طالبي اللجوء الإقامة في إسرائيل مقابل الخدمة في الجيش الإسرائيلي، حيث تعاني الحكومة الإسرائيلية بالفعل من نقص في القوى البشرية اللازمة لحربها على مختلف الجبهات وتحديدًا غزة وعلى طول الحدود اللبنانية. وفي حين أن هذه السياسة ليست فريدة من نوعها بالنسبة لإسرائيل، إلا أنها تثير قضايا قانونية وإنسانية كبيرة وتزيد من حالة عدم اليقين بالنسبة للاجئين وطالبي اللجوء في أوروبا. ومع الضغوط الناجمة عن حرب روسيا وأوكرانيا ومعضلات التجنيد الإجباري، هناك مخاوف من أن أوروبا قد تتبنى استراتيجيات مماثلة، مما يضيف المزيد من عدم الاستقرار إلى السكان المعرضين للخطر.
عودٌ على بدء: انعكاسات تصنيع الذخيرة على الحرب الروسية الأوكرانية
البرامج البحثية

عودٌ على بدء: انعكاسات تصنيع الذخيرة على الحرب الروسية الأوكرانية

تدخل الحرب الروسية الأوكرانية شهرها الثامن عشر، دونما حسم واضح في اتجاه أحد الطرفين، أو حتى سيطرة استراتيجية أو عملياتية من أحدهما، تقربه من فرض موقفه على طاولة المفاوضات، الأمر الذي يُشير إلى أن الصراع قد يستمر لعدة أشهر أخرى على أقل تقدير قبل أن يتجه الطرفين إلى التهدئة، الوضع ذاته في غزة التي تدخل الحرب فيها شهرها الثامن -كأحد أطول الحروب في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي رُبما باستثناء حربي تأسيس إسرائيل، والاستنزاف مع مصر- دونما اقتراب من أي حسم، أو حتى أفق يشير إلى أن طرفي الحرب على وشك الذهاب إلى التهدئة أو حتى أن أحدهما أو كلاهما بات راغب فيها، قد يكتمل عقد الحروب المُمتدة إذا اشتعلت الحرب بين الصين مع أحد جيرانها سواء في مضيق تايوان أو في بحر الصين الجنوبي، الأمر الذي بات غير مُستبعد في ظل انخراط الولايات المُتحدة في مُناوشات سياسية واقتصادية إقليمية ودولية تستهدف المصالح الصينية مُباشرة.   تجمع الحربين القائمتين وتلك المُتوقعة، خصيصتين -بالإضافة إلى أنها استغرقت أو قد تستغرق وقتًا أطول في الحسم مما كان متوقعًا- أولهما أنها تدور في مناطق ذات أهمية استراتيجية فائقة للعالم، سواء في السهل الأوروبي العظيم أحد أخصب أقاليم العالم وأغزر مناطق انتاج الحبوب فيه، أو في قلب الشرق الأوسط عند مُفترق طُرق التجارة العالمية ومسارات الطاقة. ثم أنهما أخيرًا لا تدوران بين دول أو أطراف مُنفردة، بل ضمن تحالفات أوسع، حيث ينخرط في الحرب الروسية الأوكرانية بشكل غير مُباشر كُلا من كوريا الشمالية وإيران إلى جانب روسيا، وحلف شمال الأطلسي إلى جانب أوكرانيا، فيما انخرط في حرب غزة إلى جانب إسرائيل كُلًا من الولايات المُتحدة وبريطانيا وفرنسا، وإلى جانب حماس إيران، حزب الله، الحوثيين، وعدد كبير من الجماعات الشيعية في العراق وسوريا.   هاتين الخصيصتين طبعتا الحربين الجاريتين بخصائص تُشبه جُزئيًا وبشكل مُصغر خصائص الحربين العالميتين الأولى والثانية من حيث كثافة الاستهلاك النيراني وما يُصاحبه من كثافة الوفيات بين الأطراف المُتصارعة، أو من حيث طول خطوط الاشتباك، وبالتالي باتت الحربين تستهلكان كميات هائلة من الذخائر والأسلحة التقليدية وخصوصًا دانات المدافع، حتى استنزفت أو كادت مخزونات القوى المُنخرطة في الصراع، وبالتالي بات الإحلال محلها حتميًا، ما أوصل حرارة المعارك الدائرة إلى خطوط الإنتاج في المصانع، التي -في أغلب الأوقات- كانت غير قادرة على الوفاء باحتياجات  الجبهة أو أغراض إعادة استيفاء المخزون، ما أسفر في النهاية عن نُدرة شديدة في الذخائر على كل الجبهات لدى كُل الأطراف.   حولت هذه النُدرة الحرب إلى سلسلة من المعارك الصناعية يتفوق فيها الطرف ذا القُدرة الصناعية الأكبر، حيث يكون قادر على إمداد قواته بمزيد من الذخيرة التي تعطيها اليد الأعلى في المعركة، وبالتالي تحولت الصناعة بشكل مُباشر إلى أحد مُقومات الأمن القومي بمعناه شديد الضيق، لذلك تُحلل هذه الورقة انعكاسات القُدرة الصناعية على الحرب الروسية الأوكرانية من خلال سلاح المدفعية لدى الطرفين.
علي غرار كوفيد-19: هل جدري القردة هو الوباء التالي؟
البرامج البحثية
28 أغسطس 2024

علي غرار كوفيد-19: هل جدري القردة هو الوباء التالي؟

في الرابع عشر من أغسطس، أعلنت منظمة الصحة العالمية رسميًا أن الارتفاع في حالات الإصابة بفيروس جدري القردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية والدول المجاورة يمثل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا. يبرز هذا القرار التهديد الخطير الذي يمثله التفشي الحالي لمرض جدري القردة، مع تزايد المخاوف من احتمال تفاقم الفيروس وتحوله إلى أزمة صحية عالمية.   تعد هذه المرة الثانية التي يُصنَّف فيها مرض جدري القردة كحالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا من قبل منظمة الصحة العالمية، وذلك بعد تفشي المرض في عام 2022، والذي شهد انتشار الفيروس لأول مرة على نطاق واسع خارج المناطق الموبوءة به في وسط وغرب إفريقيا. أثار حدوث فاشيتين كبيرتين في غضون أربع سنوات فقط مخاوف عالمية، وخاصة في أعقاب جائحة كوفيد-19. ونتيجة لذلك، أصبح الكثيرون أكثر حذرًا تجاه احتمال تحول تفشي جدري القردة إلى جائحة جديدة.
المعادن الاستراتيجية: هل ينجح الاتحاد الأوروبي في تأمين مستقبله؟
البرامج البحثية
27 أغسطس 2024

المعادن الاستراتيجية: هل ينجح الاتحاد الأوروبي في تأمين مستقبله؟

أثارت اتفاقية المعادن الاستراتيجية التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع رواندا ردود فعل واسعة، حيث تهدف هذه الصفقة إلى توفير إمدادات المعادن الأساسية اللازمة لإنتاج التكنولوجيات النظيفة مثل الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية عن طريق جلب هذه الموارد من رواندا إلى الاتحاد الأوروبي. ولم تمر أشهر قليلة حتى وقَّع الاتحاد الأوروبي اتفاقية أخرى مع صربيا لاستيراد الليثيوم مع التركيز على المواد الخام المستدامة وسلاسل القيمة للبطاريات والمركبات الكهربائية. وتشكل هذه الاتفاقيات جزءًا من دبلوماسية الاتحاد الأوروبي الأوسع المتعلقة بالمواد الخام والتي تهدف إلى ضمان توريد أبرز المواد الخام المهمة. وحتى الآن، أبرم الاتحاد الأوروبي شراكاتٍ مع 14 دولة لتعزيز انتقاله من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة. ورغم أن الدبلوماسية تُعرَّف تقليديًا على أنها أداة لمنع الصراعات، إلا أن النهج الذي يتبناه الاتحاد الأوروبي في التعامل مع "دبلوماسية" المواد الخام قد يخلق مشكلات أكثر مما ينبغي له حلها.
التطبيع بين سوريا وتركيا: أعداء الأمس…أصدقاء اليوم!!
البرامج البحثية

التطبيع بين سوريا وتركيا: أعداء الأمس…أصدقاء اليوم!!

منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، قطعت عدة دول علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، ما أدى إلى تحول سوريا إلى دولة منبوذة. وبعد مرور 13 عامًا، يبدو أن تغير المشهد الجيوسياسي الإقليمي يبشر بواقعٍ جديد، حيث باتت القوى الإقليمية والعالمية تتحرك نحو التقارب مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وفي تحولٍ كبير، يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان في يومٍ من الأيام معارضًا قويًا للأسد إلى التطبيع مع سوريا ورغم أن تركيا ليست وحدها التي تسعى في هذا الاتجاه، إلا أن إعادة العلاقات مع سوريا قد يكون له آثار بعيدة المدى.
أولمبياد باريس: حدث رياضي وتطلعات سياسية
البرامج البحثية

أولمبياد باريس: حدث رياضي وتطلعات سياسية

يبدوا أن نسخة أولمبياد باريس 2024 المقامة حاليًا في فرنسا ستكون فريدة من نوعها؛ فعلى الرغم من أن الألعاب الأولمبية لطالما كانت مسيسة، إلا أنها تُقام هذه المرة وسط حالةٍ متزايدة من عدم اليقين وعدم الاستقرار في البلد المضيف فضلًا عن مسرحٍ عالمي ساخن بالفعل بسبب حربين قائمتين مما يجعلها دورة أولمبية مميزة بشكل خاص. ومن المتوقع أن يستغل الرئيس إيمانويل ماكرون هذا الحدث المرتقب سعيًا منه لاستعادة بعض هيبته التي فقدها عقب هزيمة حزبه في الانتخابات المبكرة التي دعا إليها. ومع ذلك، من المرجح أن تواجه فرنسا مجموعةً من التحديات الداخلية والخارجية حيث من المحتمل أن تطغى الأحداث السياسية على الأداء الرياضي.
بديل الدبلوماسية: هل تنامت الاغتيالات السياسية؟
البرامج البحثية

بديل الدبلوماسية: هل تنامت الاغتيالات السياسية؟

لطالما كانت الاغتيالات السياسية سمة سائدة في السياسة العالمية، بيد أن استخدامها كأداةٍ سياسية لم يعد يقتصر على الدول أو زعمائها فحسب، بل إن أي شخص يطلق النار على شخصية سياسية يحصل على لقب "قاتل" سياسي، وتؤدي المشاركة في العملية السياسية بأي صفة كانت إلى تعريض صاحبها لمثل هذه الأعمال الانتقامية. وفي حين لا يزال المسلحون والمتعصبون يشكلون تهديدًا كبيرًا، إلا أن الجهات الفاعلة الحكومية غالبا ما تكون في طليعة تنسيق هذه الأعمال. وخلال الحرب الباردة، كانت الاغتيالات إلى حد كبير حكرًا على القوى العظمى، حيث وجهت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي عمليات استهدفت شخصيات بارزة مثل فيدل كاسترو رئيس كوبا، وسلفادور أليندي رئيس تشيلي، وجوزيب بروز تيتو رئيس جمهورية يوغوسلافيا. وقد اكتسبت بعض "النتائج" الناجمة عن الاغتيالات شهرةً أكبر من غيرها مثل اغتيال الزعيم البلشفي المنشق "ليون تروتسكي" في مكسيكو سيتي باستخدام فأس الجليد على يد الشرطة السرية لستالين.   تواصل روسيا والولايات المتحدة، اللتان كانتا ذات يوم القوتين العظميين العالميتين المهيمنتين، ممارساتهما طويلة الأمد المتمثلة في القضاء على الخصوم المتصورين. ويتمسك الكرملين بتقليد قديم يعود إلى قرن من الزمان في القضاء على المنشقين السياسيين داخليًا وخارجيًا لإرسال رسائل تحذيرية إلى المعارضين الآخرين، حيث اُغتيل طيار روسي انشق إلى أوكرانيا في إسبانيا في شهر فبراير 2024 من خلال إطلاق النار عليه ست مرات ثم دهسه بالسيارة مع ترك أغلفة الرصاص روسية الصنع في مكان الحادث فيما يُعد تحذيرًا فظًا لغيره من المعارضين الآخرين. ومؤخرًا، كشفت الاستخبارات الأميركية عن مؤامرة روسية لاغتيال الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الألمانية القوية التي تعمل في مجال تصنيع الأسلحة وتنتج قذائف مدفعية ومركبات عسكرية لأوكرانيا. كما واصلت الولايات المتحدة أيضًا ممارساتها في تنفيذ اغتيالات رفيعة المستوى كان آخرها اغتيال قاسم سليماني، قائد قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، الذي قُتل في بغداد في ضربةٍ أظهرت كيف أن الولايات المتحدة لا تكترث كثيرًا بالقانون الدولي.   وتتباين الدول في مستويات خبرتها في تنفيذ عمليات الاغتيال، وغالبًا ما تُعتبر إسرائيل هي المايسترو في هذه الممارسة ولطالما كان الاغتيال مبدأً أساسيًا لها، حيث استهدفت منذ تأسيسها في عام 1948 العديد من القادة النازيين والفلسطينيين والعرب والعلماء الذين يخدمون أعداءها مثل العلماء الألمان الذين عملوا على تطوير برنامج الأسلحة المتقدمة للرئيس المصري جمال عبد الناصر. وفي الوقت الحالي، توسعت أهداف إسرائيل بعدما بات الإيرانيون أهدافًا مهمة للعمليات الإسرائيلية، حيث شملت عملياتها الأخيرة ضد الإيرانيين اغتيال العقيد بالحرس الثوري حسن صياد خدايي الذي كان معروفًا لأفراد المخابرات باعتباره شخصية رئيسية على المستوى التكتيكي في فيلق القدس وكان تركيزه الأساسي منصبًا على محاولة مهاجمة أهداف يهودية وإسرائيلية في الخارج (وهي العمليات التي باءت أغلبها بالفشل).   ومع ذلك، يبدو أن مجموعة الدول التي تطلق محاولات الاغتيال آخذة في التزايد مع انضمام وافدين جدد، حيث وقعت حادثة بارزة في كندا في يونيو الماضي تضمنت إطلاق النار على الانفصالي السيخي هارديب سينج نيجار 34 مرة. بالإضافة إلى ذلك، حذرت الشرطة في يناير الماضي السيخ البريطانيين من المخاطر المتزايدة على حياتهم. ويمثل هذا الحادث دخولًا كبيرًا للهند إلى ساحة تلك الدول التي تستخدم الاغتيال كأداة لتعزيز الأجندات الدولية والمحلية، وهو ما يسلط الضوء على كيف أن الاغتيالات السياسية عادت إلى الظهور من جديد كتكتيكٍ واسع الانتشار ولم تعد حكرًا على حفنةٍ من الدول.
قوة الكلمة: كيف أعادت الإمارات تعريف الوساطة الدولية؟
البرامج البحثية

قوة الكلمة: كيف أعادت الإمارات تعريف الوساطة الدولية؟

شهد القرن الحادي والعشرون عودة الوساطة كأداة محورية لحل النزاعات الدولية، ويرجع هذا الظهور إلى التعقيدات التي فرضتها الصراعات المعاصرة، و توسع نطاق التهديدات لتتخطي الشكل التقليدي للنزاعات الإقليمية، والحروب الأهلية، والأزمات السياسية، فقد شهد العالم تزايد التهديدات الأمنية غير التقليدية لتشمل قضايا جديدة على رأسها تغير المناخ، والأمن السيبراني، والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية.   وسبق أن تقدمت دول مختلفة للعب أدوار مهمة في هذا المجال، مستفيدة من فطنتها الدبلوماسية ونفوذها السياسي ومواردها الاقتصادية لتسهيل الحوار ووقف التصعيد، ومن بين أبرز الوسطاء، النرويج التي أثبتت باستمرار التزامها تجاه قضايا بناء السلام من خلال مشاركتها الفعالة في حلحلة العديد من الصراعات، من سريلانكا إلى كولومبيا إلى تسهيلها لاتفاقيات أوسلو ليجسد قدرتها على تعزيز الحوار بين خصوم يبدو أنه لا يمكن التوفيق بينهم.   كما قدمت فنلندا، المشهورة بنهجها المتعدد الأطراف، وتأكيدها على بناء الإجماع عدة مبادرات أبرزها مجموعة أصدقاء الوساطة في سبتمبر 2010، والتي لعبت دورًا رئيسيًا في عمليات بناء السلام في القرن الأفريقي، كما وفرت سويسرا، مستفيدة من تقاليدها الطويلة الأمد المتمثلة في الحياد، مكانًا آمنًا ومحايدًا لعدد لا يحصى من محادثات السلام والمفاوضات، مما عزز بيئة مواتية للتسوية والحل.   ووسط كل هذا الزخم شهدت العشرية الأخيرة ظهور جهات فاعلة غير غربية في مجال الوساطة. وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة كلاعب مهم في الشرق الأوسط وخارجه. فمنذ تأسيسها، التزمت دولة الإمارات بنهج يجمع بين القيم العربية التقليدية والممارسات الدبلوماسية الحديثة للتعامل مع التعقيدات الثقافية للصراعات الإقليمية، كما تبنت سياسة تعزيز السلام والأمن والاستقرار في منطقتها والعالم، وتجلى هذا الالتزام في مبادراتها العديدة التي ساهمت في تهدئة الصراعات والأزمات، وأبرزها التوسط في الصراع الدائر في اليمن، والتوفيق بين الهند وباكستان، دورها المحوري في اتفاق السلام التاريخي بين إثيوبيا وإريتريا في عام 2018، وتسهيلها لعمليات تبادل أسرى الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والوساطة بين روسيا والولايات المتحدة، كما نشطت في الساحة متعددة الأطراف من خلال استضافتها لمؤتمر المناخ "كوب 28" في دبي.   ومع الرغم من ذلك، فإن طريق الوساطة لا يخلو من التحديدات. فالتعقيدات المتأصلة في العديد من الصراعات الإقليمية، والمصالح المتضاربة للأطراف المعنية، والحاجة إلى تحقيق التوازن بين جهود الوساطة والمصالح الوطنية، كلها عوامل يمكن أن تعيق تحقيق حلول مستدامة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحفاظ على الحياد في المواقف المستقطبة، ومحدودية النفوذ على الجهات الفاعلة من غير الدول، والقيود المحتملة على القدرات، كلها تحديات يجب على دولة الإمارات التغلب عليها لضمان استمرار نجاح جهودها في الوساطة. لذا يسعي هذا التحليل إلى استعراض دور دولة الإمارات كوسيط دولي صاعد، مع التركيز على العوامل التي مكنتها من الصعود، والاستراتيجيات التي تستخدمها، وتأثيراتها على الصراعات الإقليمية والدولية.
الانتخابات البرلمانية الفرنسية: ماذا يحدث في باريس؟
البرامج البحثية

الانتخابات البرلمانية الفرنسية: ماذا يحدث في باريس؟

في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حل البرلمان ودعا إلى انتخابات مبكرة بعد فوز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في الانتخابات الأوروبية في فرنسا بفارق يزيد عن 15 بالمائة، ويرى كثيرون أن هذا القرار محفوف بالمخاطر ويمثل دفعة قوية لليمين المتطرف في الانتخابات، خاصةً وأن فرصته في الفوز بأغلبية برلمانية مطلقة تتجاوز فرصة ائتلاف ماكرون، ومع ذلك، فإن قرار ماكرون لا يخلو من بعض التخطيط الاستراتيجي، وعلى أي حال، لا شك في أن مراقبة السياسة الفرنسية خلال السنوات الثلاث المقبلة ستكون مثيرة للاهتمام بما فيه الكفاية سواء نجح الرئيس الفرنسي في تحقيق مآربه أم لا.
إعادة الجدولة: التسلح قبل التنمية على أجندة البرلمان الأوروبي
البرامج البحثية

إعادة الجدولة: التسلح قبل التنمية على أجندة البرلمان الأوروبي

حازت انتخابات البرلمان الأوروبي تاريخيًا على درجة أقل* من اهتمامات الناخب الأوروبي، حيث مالت دومًا القضايا المحلية إلى الهيمنة على الاهتمامات الأوروبية ، الأمر الذي جعل قضايا مثل الدفاع والأمن، تستغرق قدر أقل من النقاش والجدل أثناء الحملات الانتخابية الأوروبية، لكن هذا الوضع تغير جذريًا خلال دوري الانعقاد السابق والحالي بسبب موجات اللاجئين التي باتت تجتاح سواحل الإتحاد الأوروبي، وسُحب الحرب الكثيفة التي أمطرت سماءه وتكد الأقدام الأوروبية على إثرها تنزلق في مُستنقع غير ذي قاع يودي بكل جهود التنمية والإعمار التي جرت خلال السبعين عامًا الماضية.   لذلك بدأ تسييس القضايا الإقليمية واستغلالها في انتخابات البرلمان الأوروبي ، بعدما باتت قضايا الأمن والدفاع أكثر إلحاحًا، وانكفئت الأحزاب تناقش سياسات الاتحاد تجاهها، حيث أصبح لهذه القضايا دورًا أكثر أهمية في تشكيل تفضيلات الناخبين بما يجعلها أكثر تأثيرا في تشكيل النتائج الانتخابية على مختلف مستويات الحكم المحلي وصولًا لمُستوى الاتحاد.   يتناول هذا التقرير مواقف واتجاهات التجمُعات الأساسية داخل البرلمان من قضايا الدفاع الرئيسية المطروحة أمام الاتحاد، وكيفية انعكاس هذه المواقف على الصياغة السياسية لهذه المواقف.
الهجرة: المتغير الثابت في السياسة الأوروبية
البرامج البحثية

الهجرة: المتغير الثابت في السياسة الأوروبية

يستعد مواطنو الاتحاد الأوروبي خلال شهر يونيو الجاري، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية المرتقبة. ولطالما كانت الهجرة قضية مهمة لكل من الناخبين والمرشحين، ومع ذلك، وفقًا للعديد من المعلقين الذين استشهدوا باستطلاعات الرأي، فإن الهجرة ربما لم تعد تشكل مصدر قلق رئيسي، حيث طغت عليها قضايا أخرى مثل عدم الاستقرار الاقتصادي، وكوفيد-19، وتغير المناخ. من ناحية أخرى، تشير المزيد من التحليلات إلى أن الهجرة لا تزال قضية محورية، وفي حين أن المشاركين في استطلاعات الرأي قد لا يذكرون الهجرة صراحةً عند سؤالهم عن اهتماماتهم الأساسية، إلا أن أهميتها تبدوا واضحة جلية في مواقف المرشحين وتركيزهم على القضية، ويسلط الضوء على كونها عاملًا أساسيًا في الانتخابات المقبلة وتأثيرها المحتمل على النتائج.