تتشكل الحملات الانتخابية الناجحة للوصول إلى رئاسة الولايات المُتحدة الأمريكية من مجموعة من العوامل من بين أهمها استراتيجيات الحملة، مؤهلات المُرشح، التغطية الإعلامية، والوصول للجمهور، العوامل الاجتماعية والاقتصادية، ومعنويات الناخبين، لكن على رأس هذه العوامل يأتي جمع الأموال وتخصيص الموارد، والذي يُعتبر وقود الحملة برمُتها، والمُعزز الذي يدفع في اتجاه توظيف مُجمل العوامل السابقة بشكل أكثر نجاعة، ولذلك بحثت العديد الدراسات العلاقة بين التمويل في الحملات الرئاسية الأمريكية ونجاح المرشحين، وعلى الرغم من الاختلاف الشديد لنتائج هذه الدراسات إلي أن مُجملها اتفق على أن جمع التبرعات يعد عنصرًا حاسمًا في أي حملة قابلة للاستمرار، فيما دار الاختلاف حول أن إجمالي المبالغ المُجموعة ليس دائمًا مؤشرًا نهائيًا للنجاح الانتخابي ، الأمر الذي يُمكن التدليل عليه بوجه خاص في حملتي الترشح الرئاسي لعامي 2016 و2020حيث ضعفت العلاقة بين المبلغ الذي تم جمعه واحتمالية الفوز ، بما يُشير إلى تغيُر في ديناميات تمويل الحملات الانتخابية وتفضيلات الناخبين.
على الجانب الآخر يُشير التمويل في حد ذاته إلى مجموعة واسعة من التفضيلات الأولية للناخبين، وانتماءاتهم السياسية، والأجندة التي سيتبناها الرئيس الجديد، بالإضافة إلى ترتيب أولوياته، والأدوات التي سيستخدمها لتحقيق هذه الأهداف، لذلك يحاول هذا المقال تحليل مصادر تمويل الحملتين الرئاسيتين للحزبين الديموقراطي والجمهوري باعتبارهما الأكبر والأكثر مُنافسة، والأعلى احتمالية للوصول إلى سُدة الحُكم.
يتشكل نظام تمويل الانتخابات الرئاسية الأمريكية من مزيج من التبرعات الخاصة والتمويل العام واللوائح الصارمة، بهدف تحقيق التوازن بين الشفافية والتنافسية، الأمر الذي يجب التعرف عليه عن قُرب لمعرفة دلالات التمويل، وخريطة المصالح التي تدفعه، وبالتالي تأثيره على الأجندة الرئاسية للمُرشح الفائز، ويُمكن إجمال القواعد الأساسية التي تحكم التمويل في القواعد الخمس التالية:
يمكن للأفراد التبرع بما يصل إلى 3,300 دولار أمريكي لكل مرشح لكل دورة انتخابية، ويُطبق هذا الحد بشكل مُنفصل على الانتخابات التمهيدية والانتخابات العامة، مما يُضاعف الحد الأقصى للمساهمات الفردية لكل دورة. على الرغم من هذه الحدود، لا يزال جمع التبرعات قوة مؤثرة، كما رأينا في حملتي 2008 و2020، حيث جمع مرشحون من كلا الحزبين أكثر من مليار دولار أمريكي لكل منهما، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى قاعدة مُتنامية من صغار المتبرعين الأفراد، يجري تُنظيم هذه التبرعات من قبل لجنة الانتخابات الفيدرالية (FEC)، مما يضمن الإفصاح وتتبع الامتثال للحد من التأثير غير المُبرر على برامج المرشحين.
يمكن للجان العمل السياسي التقليدية التبرع بمبلغ 5,000 دولار أمريكي لكل مرشح لكل انتخابات، مع حدود أوسع للجان الحزب. ومع ذلك، سمح قرار Citizens United v. FEC التاريخي في عام 2010 بتشكيل “لجان العمل السياسي المُستقلة” (Super PACs)، والتي يمكنها جمع أموال غير محدودة من الشركات والنقابات والأفراد للنفقات المستقلة (الإعلانات أو الدعوة لمرشح) ولكن يُحظر عليها التنسيق المُباشر مع الحملات، وفي انتخابات عام 2012، أنفقت لجان العمل السياسي المُستقلة أكثر من 600 مليون دولار أمريكي، مما غيّر مشهد التمويل وسمح لمرشحين مثل ميت رومني بالاستفادة من الدعم المُستقل للإعلان دون تدخل مُباشر.
يُقدم التمويل العام، المصمم لتقليل الاعتماد على التبرعات الخاصة الكبيرة، أموالًا فيدرالية مُتماثلة للمرشحين في الانتخابات التمهيدية ومنحة للانتخابات العامة إذا وافقوا على حدود إنفاق صارمة. على سبيل المثال، تبلغ منحة الانتخابات العامة في عام 2024 ما إجماليه 123.5 مليون دولار أمريكي. ومع ذلك، فقد انخفضت شعبية هذا النظام؛ اختار مرشحون رئيسيون، بمن فيهم باراك أوباما في عام 2008 ودونالد ترامب في عام 2016، عدم المشاركة لتجنب حدود الإنفاق، مما سمح لهم بجمع المزيد من الأموال من خلال المصادر الخاصة. يُستخدم التمويل العام اليوم بشكل أساسي من قبل المرشحين الصغار أو من أحزاب ثالثة يسعون إلى منصة في الانتخابات العامة.
يمكن للمرشحين المساهمة بأموال شخصية غير محدودة في حملاتهم، وهو عامل سمح لمرشحين أثرياء مثل مايكل بلومبرج في عام 2020 بتمويل حملاتهم بأنفسهم. أنفق بلومبرج أكثر من مليار دولار أمريكي من ثروته الشخصية على حملته، مما يُؤكد كيف يُمكن للتمويل الذاتي أن يُغير مسار الحملة حتى بدون دعم المُتبرعين التقليديين.
يجب على الحملات الإبلاغ عن المساهمات والنفقات بانتظام، مما يُعطي الجمهور وهيئات الرقابة نظرة ثاقبة على مصادر التمويل والإنفاق. على الرغم من أن هذه القواعد تهدف إلى الحد من الفساد، إلا أن الإنفاذ لا يزال يمثل تحديًا نظرًا للقيود الهيكلية للجنة الانتخابات الفيدرالية (FEC) والتعثرات المُتكررة، مما يقلل في كثير من الأحيان من فعاليتها في دعم قانون تمويل الحملات الانتخابية.
يتضح مما سبق أن مصادر التمويل الرئيسية للحملات الانتخابية الرئاسية في الولايات المُتحدة هي أربعة: التبرعات الفردية، لجان العمل السياسي والعمل السياسي المُستقل، التمويل العام، التمويل الذاتي.
جمعت كُلًا من كامالا هاريس ودونالد ترامب خلال الدورة الانتخابية الحالية في عام ٢٠٢٤ أكثر من مليار دولار، موزعة إلى قسمين قامت الحملتين بجمع جُزء منها، فيما قامت لجان العمل السياسي المُستقلة أساسًا بجمع الجُزء الباقي كما يوضح الشكل التالي:
أما عند الانتقال إلي القطاعات الأكثر مُساهمة في الحملتين الانتخابيتين في عام 2024، يتبين أن القطاعات التالية هي الأكثر مُساهمة في الحملتين:
استنادًا إلى تحليل التمويل القطاعي، ودعم Super PACs ولجان كاري، يمكن تقديم توقعات حول أجندة السياسات الوطنية والخارجية المحتملة لكل من دونالد ترامب وكامالا هاريس في حال فاز أي منهما بالانتخابات.
أجندة السياسات الوطنية
1. دونالد ترامب
• السياسات الاقتصادية:
خفض الضرائب: بدعم قوي من قطاع التمويل/التأمين/العقارات، من المتوقع أن يدفع ترامب نحو خفض الضرائب على الشركات والأفراد الأغنياء لتعزيز الاستثمار والنمو الاقتصادي.
التحرر من القيود التنظيمية: سيستمر في تعزيز السياسات المؤيدة للأعمال وتقليص اللوائح التنظيمية، خاصةً في القطاعات المدعومة مثل الطاقة والنقل، مما يسمح بالتوسع في الصناعات التقليدية.
• السياسات الاجتماعية:
دعم القيم التقليدية: من المتوقع أن يتبنى سياسات اجتماعية محافظة نظرًا للدعم القوي من Super PACs المحافظة. سيحاول تقييد قوانين الإجهاض وتقليص التمويل للبرامج التقدمية في المجالات الاجتماعية، مما يعكس اهتمامه بالحفاظ على القيم التقليدية.
• البنية التحتية:
التركيز على تطوير البنية التحتية: بدعم كبير من قطاع الإنشاءات، قد يستثمر ترامب في مشاريع البنية التحتية لتحفيز النمو الاقتصادي، مع التركيز على القطاع الخاص وتقليص التدخل الحكومي.
• سياسات الطاقة:
الاستفادة من الموارد الطبيعية: بدعم قوي من قطاع الطاقة والموارد الطبيعية، سيعزز ترامب الاستفادة من الموارد الطبيعية الأمريكية، وسيشجع زيادة الإنتاج المحلي في النفط والغاز، مما يدعم قطاع الطاقة التقليدي ويقلل الاعتماد على الطاقة المستوردة.
2. كامالا هاريس
• السياسات الاقتصادية:
زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات: بدعم كبير من Super PACs التقدمية، من المتوقع أن تتبنى هاريس سياسات لزيادة الضرائب على الشركات والأثرياء، بهدف تمويل البرامج الاجتماعية.
تشديد الرقابة على الشركات الكبرى: بدعم من قطاع الأيديولوجيا/القضايا الفردية، قد تفرض هاريس قيودًا إضافية على الشركات لضمان العدالة الاجتماعية وتقليل الفوارق الاقتصادية.
• السياسات الاجتماعية:
توسيع الرعاية الصحية: بدعم كبير من قطاع الصحة، من المرجح أن تعمل هاريس على توسيع تغطية الرعاية الصحية لتشمل مزيدًا من الأمريكيين، بما في ذلك احتمال توسيع برنامج Medicare.
دعم حقوق المرأة والصحة الإنجابية: بفضل دعم Planned Parenthood Votes وCalifornians for Choice، ستدافع هاريس عن سياسات تحمي حقوق الإجهاض وتحسين خدمات الصحة الإنجابية.
• البنية التحتية والبيئة:
الاستثمار في الطاقة النظيفة: نظرًا للدعم الكبير من القطاعات التقدمية، ستدفع هاريس نحو التحول إلى الطاقة النظيفة، وستركز على الحد من انبعاثات الكربون. ستسعى أيضًا إلى تمويل مشاريع البنية التحتية الصديقة للبيئة.
• التعليم:
تمويل التعليم العام: ستتبنى هاريس سياسات لزيادة التمويل في التعليم العام وتحسين فرص التعليم العالي، مما يعكس دعمها للتعليم كوسيلة لتقليل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية.
أجندة السياسات الخارجية العالمية
1. دونالد ترامب
• سياسات التجارة:
التوجه نحو الحمائية: من المتوقع أن يتبنى ترامب سياسات تجارية حمائية تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الأمريكي وتقليص الاعتماد على السلع المستوردة. سيستمر في ممارسة الضغط على الدول الأخرى من أجل اتفاقيات تجارية أكثر توازنًا، مما يعكس دعمه لقطاعي الزراعة والصناعة.
• العلاقات مع الصين وروسيا:
التفاوض مع الصين: سيواصل ترامب موقفه الصارم تجاه الصين، بهدف تقليص العجز التجاري، مع فرض عقوبات وضغوط اقتصادية.
التعامل مع روسيا بحذر: قد يتبنى ترامب سياسة أكثر مرونة تجاه روسيا، مع التركيز على التعاون في المجالات الاقتصادية، لكنه سيتجنب الالتزامات العسكرية المباشرة.
• التحالفات الدولية:
تقليص الالتزامات العسكرية: سيحاول ترامب تقليل الدور العسكري للولايات المتحدة في الخارج وتقليل الإنفاق العسكري الدولي، وسيضغط على حلفاء أمريكا في الناتو لزيادة مساهماتهم.
2. كامالا هاريس
• سياسات التجارة:
الترويج للتجارة الحرة العادلة: من المتوقع أن تدفع هاريس نحو سياسات تجارة حرة مع الحفاظ على حقوق العمال وحماية البيئة. ستكون السياسات موجهة لتعزيز التجارة مع الدول التي تتماشى مع القيم الديمقراطية.
• العلاقات مع الصين وروسيا:
التصدي للصين في مجال حقوق الإنسان: ستتبنى هاريس موقفًا أكثر حزمًا تجاه الصين بشأن قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية، مع إمكانية فرض عقوبات في حال استمرار الانتهاكات.
o مواجهة روسيا وتعزيز العقوبات: بدعم من المجموعات الأيديولوجية، من المتوقع أن تدفع هاريس نحو سياسات صارمة تجاه روسيا، مع تعزيز العقوبات لمحاصرة النفوذ الروسي في أوروبا.
• تعزيز التحالفات الدولية:
التعاون مع الحلفاء التقليديين: ستعمل هاريس على تعزيز التحالفات التقليدية، مثل حلف الناتو، وستسعى لدعم التحالفات الجديدة التي تركز على القضايا العالمية مثل تغير المناخ وحقوق الإنسان.
أجندة السياسات الخارجية في الشرق الأوسط
1. دونالد ترامب
• العلاقة مع إسرائيل:
السياسة المحتملة: سيواصل ترامب دعم إسرائيل بقوة، بناءً على نهج يميني يعزز أمن إسرائيل ويعتبرها شريكاً استراتيجياً في المنطقة. من المرجح أن يستمر في تعزيز الاتفاقيات السابقة مثل اتفاقيات أبراهام، وسيعمل على تقوية العلاقات العسكرية والاستخباراتية.
o الدعم القوي الذي يتلقاه ترامب من Make America Great Again Inc وPreserve America PAC، يعكس تأييد المجموعات المحافظة التي تؤيد مواقف متشددة في السياسة الخارجية، بما في ذلك تأييد إسرائيل كحليف استراتيجي. أيضًا، التمويل من القطاعات المؤيدة للصناعات الدفاعية مثل الدفاع (1 مليون دولار) سيؤثر على استمرار ترامب في توفير الدعم العسكري والتكنولوجي لإسرائيل، حيث تعتبر هذه العلاقات مفيدة للقطاعات الدفاعية الأمريكية.
• السياسات تجاه إيران:
السياسة المحتملة: من المرجح أن يتبنى ترامب نهجاً متشدداً تجاه إيران، ويعود إلى سياسة الضغط الأقصى التي انتهجها خلال فترة رئاسته الأولى، والتي تشمل العقوبات الاقتصادية والعزلة الدبلوماسية وربما التهديد بعمل عسكري في حال تمادي إيران في تخصيب اليورانيوم.
الدعم من قطاع الطاقة والموارد الطبيعية (31 مليون دولار) يؤثر بشكل مباشر على هذه السياسة، حيث يسعى القطاع إلى تقليل المنافسة في إنتاج النفط، والتي تمثلها إيران. تعزيز الحظر والعقوبات ضد إيران يخدم مصالح قطاع الطاقة الأمريكي، مما يخلق حافزاً إضافياً لدى ترامب لدعم هذه السياسة.
• التأثير على الخليج والاتفاقات الاقتصادية:
السياسة المحتملة: من المتوقع أن يدفع ترامب نحو تعزيز التعاون الاقتصادي مع دول الخليج العربي، خاصة في مجالات الدفاع والطاقة. يمكن أن يستمر في بيع الأسلحة المتطورة لدول الخليج، بما يتماشى مع استراتيجيته في تعزيز التحالفات الاقتصادية والأمنية في المنطقة.
دعم قطاع الإنشاءات والدفاع يعطي ترامب حافزاً لتعزيز العلاقات مع دول الخليج، حيث تعتبر دول الخليج من الأسواق الكبرى لهذه القطاعات. علاقات الدفاع القوية تتماشى مع مصالح Super PACs المحافظة مثل Right for America، التي تدفع باتجاه استثمارات عسكرية في المنطقة.
2. كامالا هاريس
• العلاقة مع إسرائيل:
السياسة المحتملة: رغم دعمها لإسرائيل كحليف تقليدي، قد تتبنى هاريس مقاربة أكثر توازناً، حيث من المتوقع أن تسعى لتقديم دعم لإسرائيل، مع الحفاظ على حقوق الإنسان والمساواة في المنطقة. قد تحث إسرائيل على تجنب التصعيد وتعمل على تخفيف التوترات في غزة والضفة الغربية.
التمويل من Future Forward USA (394 مليون دولار) وAmerican Bridge 21st Century يعكس دعمها من مجموعات تقدمية تدعم قضايا حقوق الإنسان والدبلوماسية. أيضًا، قطاع الأيديولوجيا/القضايا الفردية (242 مليون دولار) يتضمن مجموعات تقدمية قد تفضل مقاربة متوازنة أكثر، مع التركيز على حقوق الإنسان في تعامل إسرائيل مع الفلسطينيين، مما قد يضغط على هاريس لاتخاذ مواقف أكثر حذراً.
• السياسات تجاه إيران:
السياسة المحتملة: من المتوقع أن تتبنى هاريس سياسة دبلوماسية لإعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، محاولةً الحد من التوترات في المنطقة، من خلال إعادة التفاوض على الاتفاق النووي، لضمان منع إيران من تطوير أسلحة نووية.
o القطاعات التقدمية التي تدعم هاريس مثل الصحة والتمويل تميل نحو حلول دبلوماسية واستقرار إقليمي لتجنب تأثير الأزمات على الاقتصاد العالمي. كما أن الدعم من Super PACs مثل Planned Parenthood Votes يشير إلى رغبة قاعدة مؤيديها في تقليل التدخلات العسكرية في الخارج. ستحاول هاريس إعادة بناء التعاون مع الحلفاء الأوروبيين في القضية الإيرانية، مما يعكس دعم هذه المجموعات الداعية للدبلوماسية.
• التعامل مع الخليج والتعاون الاقتصادي:
السياسة المحتملة: ستركز هاريس على شراكات اقتصادية قائمة على معايير حقوق الإنسان والتنمية المستدامة في الخليج، لكنها قد تتجنب التحالفات العسكرية العميقة التي قد تؤدي إلى تفاقم النزاعات الإقليمية. قد تدعم تحسين السياسات البيئية بالتعاون مع دول الخليج وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
دعمها من قطاعات الأيديولوجيا/القضايا الفردية وCalifornians for Choice يشير إلى أن أجندتها قد تتضمن تحسين حقوق الإنسان في الخليج. التمويل من مجموعات تقدمية مثل Future Forward USA يشير إلى توجه لدعم مشاريع الطاقة النظيفة والتقليل من التعاون المرتبط بالوقود الأحفوري، مما يعكس التزامها بقضايا المناخ.
خلاصة ما سبق إذن أن تمويل الحملات الرئاسية لكل من دونالد ترامب وكامالا هاريس خضع إلى مسارات سياسية متباينة تمامًا تجاه الشرق الأوسط، من المتوقع أن يتبنى كل مرشح سياسة خارجية تتماشى مع مصالح الجهات الممولة له، مما سينعكس بدوره على الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط وأيضًا على الاستقرار الداخلي في الولايات المتحدة.
إذا فاز دونالد ترامب:
سيواصل ترامب تعزيز علاقات قوية مع إسرائيل ودول الخليج، مع التركيز على المصالح الاقتصادية والأمنية المشتركة، مدعومًا من القطاعات المرتبطة بالدفاع والطاقة. سيؤدي هذا النهج إلى استقرار شكلي في المنطقة، ولكنه سيزيد من حدة التوتر مع إيران، ومن المتوقع أن يستمر ترامب في سياسة الضغط الأقصى، مما قد يدفع إيران لاتخاذ خطوات أكثر جرأة، ويزيد من احتمالات التصعيد العسكري في المنطقة. داخليًا، سيؤدي هذا النهج إلى تعزيز دعم القاعدة المحافظة لكن قد يُثير مخاوف المجتمع المدني الأمريكي، مما يُعزز الانقسام الداخلي.
إذا فازت كامالا هاريس:
ستتبع هاريس سياسة أكثر توازناً في الشرق الأوسط، بدعم من المجموعات التقدمية التي تدفع نحو احترام حقوق الإنسان، وبالتالي من المتوقع أن تسعى لإعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران وتبني مقاربة دبلوماسية تخفف من التوترات. بينما قد يُسهم هذا النهج في تحسين الاستقرار الإقليمي وتخفيف الصراعات، إلا أنه قد يثير حفيظة الحلفاء التقليديين مثل إسرائيل ودول الخليج، الذين يعتمدون على دعم الولايات المتحدة العسكري. داخليًا، سيعزز هذا النهج من دعم القاعدة التقدمية ويساعد في تقليل الاستقطاب، لكنه قد يثير اعتراضات المحافظين.
• توقعات الاستقرار الإقليمي وارتباطه باستقرار الداخل الأمريكي
في كلا السيناريوهين، يُعتمد الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط إلى حد كبير على سياسات الولايات المتحدة وتوازنها بين دعم الحلفاء وممارسة الضغط على الخصوم. فوز ترامب قد يُسهم في تعزيز استقرار اقتصادي وأمني على المدى القصير، ولكنه قد يزيد من حدة الصراع الإقليمي، بينما فوز هاريس قد يُحقق توازناً أكبر، لكنه قد يواجه عقبات في الداخل الأمريكي بسبب الخلافات الأيديولوجية حول سياسات الشرق الأوسط.
Turek, Maciej, 2020. “Money for nothing? financing the 2016 and 2020 u.s. presidential nomination campaigns”, Political Preferences(27):39-62. https://doi.org/10.31261/polpre.2020.27.39-62
Swearingen, C. D. (2019). Laying the foundation for a successful presidential campaign: public attention and fundraising in the preprimary period*. Social Science Quarterly, 100(4), 1308-1321. https://doi.org/10.1111/ssqu.12631
تعليقات