تُعرف ظاهرة الإسلاموفوبيا على أنها مزيجًا من الكراهية والخوف والتحيز ضد الإسلام والمسلمين، وتتجلى هذه الظاهرة من خلال أعمال العنف ضد المسلمين ورموز الإسلام، بالإضافة إلى التمييز والعداء في الحياة اليومية، وقد تصاعدت الشكوك ضد المسلمين خلال العقدين الماضيين بشكل كبير. بما حفز استجابة العديد من الدول للتهديدات الأمنية المُثارة ضدهم باتخاذ إجراءات تستهدفهم بشكل غير مبرر، كما أدت التصورات السلبية المنتشرة عن الإسلام إلى ترسيخ التمييز والعداء ضد المسلمين. واستمرت ظاهرة الإسلاموفوبيا في الانتشار من خلال التصريحات والسلوكيات والحملات التي تنشر الخوف من الإسلام، بالإضافة إلى العديد من الحوادث التي استهدفت المسلمين ورموزهم، وغالبًا ما يتعرض المسلمون للتمييز في الدول التي يشكلون فيها أقلية، حيث يواجهون صعوبة في الحصول على السلع والخدمات والتعليم والعثور على فرصة عمل، وتزداد جرائم الكراهية المعادية للإسلام بشكل متكرر بعد وقوع أحداث معينة، مثل الهجمات الإرهابية، حيث يُلقي اللوم الجماعي على جميع المسلمين.
وفي عكس ذلك الاتجاه تصاعدت مؤخرا اتجاهات التسامح وظهرت بعض المظاهر الاحتفائية بالمسلمين وشعائرهم في عدة مدن أوروبية. فعلى سبيل المثال احتفلت لندن وبعض الأندية الإنجليزية بشهر رمضان، كما سمح الاتحاد الإنجليزي للاعبي كرة القدم المسلمين بوقت لتناول الإفطار، وكذلك أرسلت وزارة التعليم الألمانية رسالة تسمح فيها للمعلمات المسلمات بارتداء الحجاب في مدينة برلين. وعليه سيحاول هذا التحليل تقصي انعكاسات هذه المظاهر على ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا، لمعرفة ما إذا كانت الظاهرة قد تراجعت، أم أن هذه المظاهر سطحية وغير مؤثرة في عمق الظاهرة وجذورها.
يعد استخدام مصطلح الإسلاموفوبيا ظاهرة حديثة نسبيًا، وعلى الرغم من وجود علامات على وجوده، إلا أنه لا زال هناك خلاف حول التحديد الدقيق للتصرفات أو السلوكيات التي يمكن وصفها بأنها معادية للمسلمين. وبالنظر لمظاهر الإسلاموفوبيا في أوروبا نجد أنها تتجلى في المواقف والسلوكيات الفردية وسياسات وممارسات المنظمات والمؤسسات الحكومية في أوروبا. ويمكن إجمال أبرز هذه المظاهر فيما يلي:
1. التعليم
يواجه العديد من المسلمين التمييز في مجال التعليم، ما يؤدي إلى تدني مستويات تحصيلهم العلمي واندماجهم المُجتمعي، وينطبق هذا الواقع بشكل خاص على المهاجرين وذويهم من بلدان خارج الاتحاد الأوروبي كدول مثل الدنمارك وألمانيا وفرنسا، حيث يتألف جزء كبير من سكانها من المهاجرين. إذ يُظهر هؤلاء المهاجرون معدلات أقل في إتمام التعليم ويحصلون على مؤهلات أدنى من غالبية السكان. كما أن بعض هذه البلدان تفتقر إلى بيانات حول تحصيل طلاب من خلفيات مهاجرة أو دينية محددة، مما يجعل من الصعب تقييم مدى انتشار التمييز أو تأثير سياسات مكافحته. ومع ذلك، تشير الدراسات المتاحة إلى وجود فجوات يمكن أن تعزى جزئيًا إلى التمييز والعنصرية. إذ أفاد العديد من المسلمين أنهم شعروا بالتمييز عند التواصل بمدارس أطفالهم بسبب أسمائهم أو مظهرهم.
2. التوظيف
أشار استطلاع رأي لوكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية (EU FRA) لمجموعة من المسلمين في عدد من دول الاتحاد الأوروبي أن 27% منهم يعتقدون أنهم تعرضوا للتمييز عند تقديم طلبات للحصول على وظائف في دول الاتحاد الأوروبي، وخاصة في فرنسا (44%)، الدنمارك (41%)، وهولندا (38%) حيث يوجد عدد كبير من المسلمين .
وتشير هذه النسب المرتفعة إلى وجود مستويات عالية من التمييز والتدهور في حقوق المسلمين في سوق العمل، علاوة على ذلك، أفاد 9% من المسلمين أنهم رُفضوا في بعض الوظائف بسبب الدين أو المظهر، كما أفاد 10% من المشاركين في الاستطلاع أنهم تعرضوا للتنمر أو السخرية من قبل زملائهم في العمل بسبب دينهم، وأبلغ 6% من المشاركين عن فصلهم من وظائفهم بسبب دينهم أو مظهرهم. كما أشار الاستطلاع أن المسلمات يواجهن مستويات أعلى من التمييز عند التوظيف مقارنة بالرجال المسلمين. مما يعوق مشاركتهم الهادفة في المجتمع، وأفاد 13% من النساء الباحثات عن عمل خلال الـ 12 شهرًا التي سبقت المسح أنهم تعرضوا لمعاملة غير متكافئة في التوظيف.
3. المسكن
يعتقد 19% من المسلمين أنهم تعرضوا للتمييز عند إيجار شقة أو منزل خلال العامين الماضيين، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 34% في فرنسا، 33% في بلجيكا، 25% في النمسا، كما أفاد 10% من المسلمين أنهم تعرضوا للرفض عند محاولاتهم إيجار شقة أو منزل، وأن دينهم أو مظهرهم كانا السبب الرئيسي في هذا الرفض، وتُشير هذه النتائج إلى وجود نمط واضح من التمييز المباشر ضدهم في السكن. وأفاد 53% من المشاركين الذين بحثوا عن سكناً أنهم شعروا بالتمييز بسبب اسمهم الأول أو الأخير.
لا تسجل الغالبية العظمى من الدول الأوروبية حوادث الخوف من الإسلام كفئة منفصلة من جرائم الكراهية، ولذلك فقد كشف تقرير الإسلاموفوبيا لعام 2018، أن هناك 4.4% فقط من المسلمين في الاتحاد الأوروبي أبلغوا عن تعرضهم للعنف الجسدي أو التهديدات بالعنف خلال 2017 بسبب دينهم أو مظهرهم. وتشير هذه النسبة إلى وجود نحو 519 ألف مسلم عرضه للعنف الجسدي في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك في المملكة المتحدة 7.8% ، اليونان وفرنسا 7.4%. ويُبلغ 2.4% من المسلمين أيضًا عن تعرضهم للتهديدات الجسدية المُطلقة خلال نفس الفترة، ما يشير إلى أن نحو 291 ألف مسلم جرى تهديدهم بالعنف في 2017. وبالمجمل، هذا يعني أن 810 ألف مسلم تعرضوا للعنف أو التهديدات الجسدية خلال تلك الفترة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
كما أبلغ 5.2% من المسلمين عن تعرضهم للتحرش أو التنمر اللفظي بسبب دينهم أو مظهرهم، ما يشير إلى وجود نحو 619 ألف حالة من التحرش اللفظي ضد المسلمين خلال عام 2017. بالإجمالي، ما يقرب من 1.5 مليون مسلم تعرضوا للعنف أو التحرش خلال 2017 في الاتحاد الأوروبي.
تٌشكل النساء غالبية ضحايا الكراهية ضد المسلمين في أوروبا، وخاصة عندما يرتدون الحجاب. على سبيل المثال، تشير التقارير إلى أن 70% من ضحايا الأعمال المعادية للإسلام في فرنسا هم من النساء بشكل عام ، النساء اللواتي يرتدين الحجاب أو القلائل جدًا من اللواتي يرتدين النقاب في الأماكن العامة أكثر عرضة للتحرش بدافع التحيز من اللواتي لا يرتدين الحجاب. كما تشير حوالي 39% من المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب أو النقاب في الأماكن العامة إنهن تعرضن، في الأشهر الـ 12 التي سبقت الاستطلاع إلى التحديق غير اللائق أو الإيماءات العدوانية بسبب هذا الرمز الديني.
وغالبًا ما يرتبط التمييز في سوق العمل بمفاهيم الإسلام، وخاصة ملابس النساء المسلمات. كما يٌعد الحجاب عقبة إضافية لهن في العثور على وظيفة والاحتفاظ بها. على سبيل المثال، بالنسبة للطلبات المقدمة من النساء المسلمات المحجبات في صورة السيرة الذاتية، دعتهن 3% فقط من الشركات إلى مقابلة في ألمانيا. وفي بلجيكا يوافق 44% من أرباب العمل على أن ارتداء الحجاب يمكن أن يؤثر سلبًا على اختيار المرشحين.
وجد استطلاع الاتحاد الأوروبي لوكالة فرانس برس أن من بين جميع المسلمين الذين شملهم الاستطلاع، تم إيقاف 16% من قبل الشرطة في العام التي سبقته المسوح. وبالنظر إلى الوضع المتعلق بالحجاب. ففي عام 2020، انخفض الخوف من مثل هذه الملابس بشكل كبير بسبب الحملة العالمية لارتداء أقنعة الوجه كجزء من وسائل الوقاية من وباء “كوفيد- ١٩”؛ ولكن في عام 2021، أرتفع هذا الاتجاه مرة أخرى بشكل حاد. حيث بدأت دول مثل فرنسا وسويسرا والنمسا في تطبيق سياسة حظر ارتداء الحجاب على المسؤولين الحكوميين والجامعات والمدارس. بالإضافة إلى ذلك، تضاعف حجم الحوادث المتعلقة بالحجاب ثلاثة أضعاف في دول كالمملكة المتحدة. كما ظهر المزيد من الخطوات في تنفيذ السياسات ضد الحجاب في دول مثل بلجيكا والنرويج وهولندا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وسويسرا والدنمارك والنمسا وبلغاريا ولاتفيا وكوسوفو.
كما تشير التقارير الأخيرة إلى معاناة المسلمين في أوروبا من تهميش أكبر عام 2021، لا سيما السيدات المسلمات اللائي تلقين عددًا لا يحصى من القوانين التي تهدف إلى تقييد حقهن في ارتداء ملابس معينة، وبالتالي استبعادهن من المجتمع. ففي فرنسا عام 2022، برزت الإسلاموفوبيا بوضوح مرة أخرى في قيام الحكومة بإضفاء الطابع المؤسسي على العنصرية ضد المسلمين وذلك من خلال تجديد الدعوات لحظر الحجاب في المجتمع الفرنسي. على غرار السنوات السابقة، و ظل المجتمع المدني المسلم الفرنسي هدفًا للسلطات.
استغلت الجماعات المعادية للمسلمين في الوقت الذي استمر فيه وباء “كوفيد- ١٩” في بعض البلدان الأزمة لتأجيج الكراهية تجاه المسلمين. غمرت وسائل التواصل الاجتماعي مزاعم عن انتهاك المسلمين للحظر من خلال الاستمرار في حضور المساجد للصلاة، مما أدى إلى تعرض العديد من المسلمين للهجوم. وانتشرت قصص كاذبة بشكل مكثف على وسائل التواصل الاجتماعي تلقي باللوم على المسلمين في نشر الوباء، واصفة المسلمين بأنهم يشكلون خطراً على الأمم. ومنذ اندلاع الوباء، تضاعفت حوادث الهجمات العنيفة ضد المسلمين في دول أوروبا. كما استخدم بعض القادة والشخصيات البارزة أزمة “كوفيد-١٩” كأداة لتعزيز أجندتهم ضد المسلمين.
ثانيا: الإسلاموفوبيا والإرهاب في أوروبا
غالبًا ما يربط الخطاب المعاد للمسلمين بينهم وبين الإرهاب والتطرف أو يصور وجود المجتمعات المسلمة على أنه تهديد للهوية الوطنية، كما يُصور المسلمون على أنهم مجموعة متجانسة غير متوافقة مع قيم حقوق الإنسان والديمقراطية. تشير تقارير مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان (ODIHR) إلى ارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين بعد الهجمات الإرهابية أو في ذكراها، وتشمل هذه الجرائم الهجمات على المساجد، والنساء المحجبات وهي من الحوادث المبلغ عنها. على سبيل المثال، سجلت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا 566 جريمة كراهية ضد المسلمين في 2018. كما يزعم العديد من رجال السياسة والمثقفين في أوروبا أن الإسلاموفوبيا هي سبب الإرهاب في أوروبا، فعلى الرغم من أن الظاهرتان منفصلتان في النشأة لكن متلازمتان في التهديد أي ربط الإرهاب بالإسلام، سواء كان ذلك على مستوى تهديد أمن الإنسان بجميع أبعاده أو الأمن القومي للدول الأوروبية أو الهوية المجتمعية للمجتمعات الأوروبية، فكلما ازدادت الهجمات الإرهابية في أوروبا تنامت ظاهرة الإسلاموفوبيا.
ووفقاُ لنتائج مؤشر الإرهاب العالمي Global Terrorism Index بين عامي 2015 -2022 شهدت القارة الأوروبية تراجع كبير في معدلات الإرهاب وخاصة الدول التي شهدت عمليات إرهابية في الفترة من 2015 والتي مثلت ذروة الهجمات الإرهابية مثل فرنسا والمملكة المتحدة. كما تراجعت الحوادث الإرهابية في أوروبا بشكل ملحوظ في الفترة من 2017 إلى 2022 كما هو موضح في الشكل أدناه والذي يوضح تراجع عدد الحوادث في المملكة المتحدة حيث بلغ عدد الحوادث عام 2017 إلى 64 حادث وتراجع ليصل إلى 4 حوادث عام 2022. وبالمثل في فرنسا حيث بلغ عدد الحوادث الإرهابية عام 2017 إلى 41 حادث ليسجل تراجع كبير يصل إلى 9 حوادث عام 2022.
وفي ألمانيا بلغت عدد الحوادث الإرهابية 47 حادث عام 2018 لتتراجع مسجلة 5 حوادث عام 2022. كما هو موضح في الشكل أدناه فقد شهد عام 2018 انخفاض كبير في أعداد القتلى والجرحى جراء العمليات الإرهابية. كما تراجعت أعداد الإصابات نتيجة الهجمات الإرهابية بشكل كبير في ألمانيا وفرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة نتيجة تراجع أعداد الهجمات الإرهابية من 205 هجمة في عام 2017 إلى 129 هجوماً عام 2018 علاوة على فشل 24 منها.
كما صاحب تراجع معدلات الإرهاب وأعداد الهجمات لإرهابية تراجع أعداد الإصابات نتيجة الهجمات الإرهابية في نفس الفترة كما هو موضح في الشكل أدناه.
أشار تقرير صدر مؤخرًا عن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين أو المعتقد أن الشك والتمييز والكراهية الصريحة تجاه المسلمين قد ارتفعت إلى “أبعاد وبائية”. ولا تزال الإسلاموفوبيا تمثل اتجاهًا متزايدًا في عام 2021. لا سيما في المملكة المتحدة وفرنسا. حيث ارتفعت موجات الكراهية ضد المسلمين وحوادث الإسلاموفوبيا مع هيمنة الحملات المعادية للمسلمين التي تشنها أحزاب اليمين المتطرف في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للتمييز ضد المسلمين والمجتمعات المسلمة. ونشطت هذه الحملات من خلال عدة أحزاب مثل: حزب فيدس (المجر)، حزب القانون والعدالة (بولندا)، حزب فوكس (إسبانيا)، حزب UKIP (المملكة المتحدة)، حزب الحرية- PVV (هولندا)، حزب آنو (جمهورية التشيك)، حزب قومي رالي (فرنسا)، حركة الخمس نجوم والرابطة الشمالية (إيطاليا)، حزب البديل من أجل ألمانيا (ألمانيا)، حزب الحرية – FPO (النمسا)، الحزب الاشتراكي الديمقراطي (السويد).
كما سلطت منظمة التعاون الإسلامي في تقريرها الثاني عشر عن الإسلاموفوبيا الضوء على الروابط بين حركات اليمين المتطرف التي تمهد الطريق لانتشار أيديولوجيات الكراهية. وركز التقرير بشكل خاص على روابط صعود الأحزاب في أوروبا في الانتخابات الأخيرة مشيراً إلى عدد من الاحزاب مثل: حزب استقلال المملكة المتحدة، مارين لو التجمع الوطني الفرنسي بزعامة بين، وحزب الحرية الهولندي بزعامة خيرت فيلدرز، وحزب ليغا الإيطالي (الدوري)، البديل لألمانيا، حزب فيدس المجري، لها أيديولوجية مماثلة معادية للاتحاد الأوروبي، ومعادية للمسلمين، ومناهضة للهجرة.
وأصبحت “الحرب على الثقافة” (Culture War) “وتخليص أوروبا من “هيمنة الإسلام” (Islamic hegemony) يُنظر إلى هذه الأحزاب على أنها تهديد لأوروبا كما تشجع هذه الأحزاب السياسات التي تؤثر على المسلمين في أوروبا مثل حظر الحجاب والنقاب، وبناء الجاليات المسلمة للمساجد والمدارس الإسلامية. حيث تم إضفاء الطابع المؤسسي على مثل هذه المواقف في المدارس وأماكن العمل وكذلك السياسات والتشريعات، والتي يري البعض على انها بعيدة كل البعد عن نية أوروبا في السلام وتعزيز حقوق الإنسان التي شرعت في اتباعها منذ إنشاء الاتحاد الأوروبي، ولكنها تخلق مخاوف بشأن المجموعة المستهدفة في الأماكن العامة في المجتمع الذي تستفيد منه الأحزاب اليمينية. لقد فتح قبول الأحزاب الشعبوية اليمينية في أوروبا والسياسيين الذين يتبنون مثل هذه الآراء الباب أمام الأشخاص الذين أبقوا تحيزاتهم وآرائهم العنصرية في الخفاء ليُعلنوا الآن عن كراهيتهم وخوفهم من دخول المسلمين إلى أوروبا والعيش فيها.
ختاماً: على الرغم من النجاح الذي شهده عام 2022 في الاعتراف العالمي بالإسلاموفوبيا كمشكلة قائمة ومنتشرة وتبني الأمم المتحدة قرارًا في 15 مارس 2022 إن (15 مارس) من كل عام “يومًا دوليًا لمكافحة الإسلاموفوبيا“، والذي يمكن اعتباره خطوة مهمة في الاعتراف القانوني والسياسي بهذه الظاهرة. ولكن لا تزال الإسلاموفوبيا من بين أكثر القضايا تحديًا على المستوى العالمي، في الوقت الحالي وفي المستقبل القريب. حيث استمر اتجاه الإسلاموفوبيا في الازدياد في السنوات الخمس الماضية؛ وخلال فترة الأربعة عشر شهرًا الماضية (ديسمبر 2020 حتى يناير 2022) تدل أن الاتجاه العام آخذ في الازدياد.
وعلى الرغم من ظهور بعض المظاهر الاحتفالية بالمسلمين في فرنسا والمملكة المتحدة ولكنهما من بين البلدان الأوروبية التي تستمر في إظهار مؤشرات مهمة للإسلاموفوبيا، والتي تم ترسيخها في الغالب من خلال السياسات الحكومية. وهناك نمط مثير للاهتمام لاحظه المرصد المعني بالإسلاموفوبيا لمنظمة التعاون الإسلامي وهو أن القضية المركزية انتقلت الآن إلى ما هو أبعد من الهجرة واللاجئين التي كانت تهيمن على الديناميكيات السياسية في أوروبا منذ السنوات الخمس الماضية. وتُظهر الاتجاهات الأخيرة أن العداء قد هيمن على سياسات الحكومة والمشاعر العامة التي تستهدف الهوية الإسلامية والتي تقترب من “صراع الحضارات” (Clash of Civilizations) كما وصفه صموئيل هنتنغتون. مما يدل على وجودية “صراع الحضارات” الذي تحول في النهاية إلى الإسلاموفوبيا. مما جعل قضية الإسلاموفوبيا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقضايا أخرى مثل السياسة وحقوق الإنسان والأقليات والثقافة والهوية والعمل الإنساني والإرهاب والتطرف، إلخ.
كما طغت العنصرية ضد المسلمين في ظاهرة الإسلاموفوبيا، والتي تلتها حملات اليمين المتطرف وسياسات الحكومات. وقد لوحظ أن عدد الحوادث التي يتسبب بها اليمين المتطرف، الذي كان يهيمن خلال السنوات القليلة الماضية، يظهر الآن نمطاً متراجعًا، ولكن في الواقع، فإن تأثيره قد تضاعف هذه المرة من خلال السياسات الحكومية والضغوط السياسية. ومن الممكن أن نفترض أن الأيديولوجيا اليمينية المتطرفة قد استحوذت على جزء كبير من التأثير على الإدارات والحكومات في أوروبا، خاصة عندما ننظر إلى النتائج الأخيرة للانتخابات في بلدان أوروبية. كما تستمر الحوادث مثل حرق المساجد، والتصريحات الاستفزازية في وسائل التواصل الاجتماعي، والتهديدات البريدية، والحرق وتدنيس نسخ من القرآن الكريم، والاعتداءات الجسدية واللفظية الاستمرار ولكن بنسبة أقل.
تعليقات