عُقِد منتدى خبراء بريكس 2024 على هامش منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في الفترة من 5 إلى 8 يونيو 2024 في مدينة سان بطرسبرغ الروسية، و يعد هذا المنتدى حدثًا بارزًا إذ يجمع بين مجموعة متنوعة من الخبراء وصانعي السياسات وقادة الفكر من جميع أنحاء العالم، وكان بمثابة منصة محورية لإجراء مناقشات متعمقة وحوارات إستراتيجية حول الدور المتنامي لدول مجموعة بريكس في تشكيل مسار الحوكمة العالمية والتعاون متعدد الأطراف، ومثّل منتدى خبراء بريكس فرصةً فريدة لتحليل التحديات والفرص التي تواجه تكتل بريكس في سياق المشهد العالمي سريع التحول، وكان بمثابة حافز للفكر الجديد والحلول المبتكرة للقضايا المعقدة التي تواجه العالم اليوم من خلال تعزيز التبادل الديناميكي للأفكار بين الخبراء من مختلف الخلفيات.
وشارك من مركز الحبتور للأبحاث مصطفى أحمد، باحث أول بوحدة الدراسات السياسية، كمتحدث في جلسة نقاشية بعنوان "تعزيز النمو من خلال الشراكات، والتعاون في استكشاف سبل التحديث"، والتي ركزت على أبعاد التعاون الاقتصادي والثقافي لمجموعة بريكس.
ومن الجدير بالذكر أن المنتدى وسع نطاقه إلى ما هو أبعد من العضوية التقليدية في بريكس، حيث احتضن ممثلين من الأعضاء الجدد مثل مصر وإيران والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإثيوبيا. ولم تؤكد هذه المشاركة واسعة النطاق على النفوذ المتزايد لهذه الدول على المسرح العالمي فحسب، بل سلطت الضوء أيضًا على الجاذبية المتزايدة لنموذج بريكس كبديل فعال للأطر الاقتصادية والسياسية الغربية.
نظرة عامة على المنتدى
- نُظِّم هذا المنتدى بالتعاون بين وكالة الأنباء الروسية “روسيا سيغودنيا” ووكالة الأنباء الصينية “شينخوا”، حيث يرمز هذا التعاون إلى الشراكة القوية بين البلدين في إطار مجموعة بريكس والتزامهما المشترك بتعزيز نظام عالمي متعدد الأقطاب.
- اجتذب المنتدى مجموعةً واسعة من المشاركين وضم نخبةً من أبرز الاقتصاديين والمحللين السياسيين المخضرمين والدبلوماسيين المتميزين والأكاديميين المؤثرين من دول بريكس وخارجها والذين يتمتعون جميعًا بخبراتٍ واسعة في مختلف المجالات مثل العلاقات الدولية واقتصاديات التنمية والجغرافيا السياسية والدراسات الثقافية.
- تضمن برنامج المنتدى ثلاث جلسات خبراء متميزة ركزت كل منها على موضوع محدد بالغ الأهمية لمستقبل بريكس، وشملت كل جلسة كلمات رئيسية وحلقات نقاش وجلسات أسئلة وأجوبة تفاعلية، ما وفر فرصًا كبيرة للحاضرين للمشاركة في حوار ونقاش هادف.
موضوعات الجلسات والرؤى الرئيسية
- الجلسة العامة: “أهداف مجموعة بريكس في سياق النظام العالمي الجديد”
حددت الجلسة العامة مسار المنتدى بأكمله من خلال طرح السؤال الشامل حول الكيفية التي ينبغي بها لدول بريكس تحديد أهدافها وإستراتيجياتها العملية للاستجابة للمشهد الجيوسياسي المتغير، ودارت المناقشات الرئيسية حول القضايا التالية:
- تعزيز الصوت العالمي لمجموعة بريكس: أكد الخبراء على ضرورة قيام تكتل بريكس بإثبات نفسه بقوةٍ أكبر في المؤسسات الدولية، مما يستلزم الدعوة إلى إجراء إصلاحات تعكس بشكلٍ أفضل مصالح البلدان النامية واهتماماتها.
- تعزيز نظام اقتصادي عالمي أكثر إنصافًا: دعا الخبراء مجموعة بريكس إلى دعم السياسات التي تعالج الاختلالات الاقتصادية العالمية وتقلل من الحواجز التجارية وتعزز التنمية المستدامة. كما سلط الخبراء الضوء أيضًا على أهمية المؤسسات المالية البديلة مثل بنك التنمية الجديد في توفير التمويل اللازم لمشروعات البنية التحتية في البلدان النامية.
- معالجة التحديات المشتركة: اتفق المتحدثون على أن تغير المناخ والإرهاب والجرائم الإلكترونية والأوبئة تمثل تهديدات رئيسية للأمن والاستقرار العالمي، وشددوا على ضرورة تعاون دول بريكس في وضع استجابات منسقة لهذه التحديات والاستفادة من الموارد والخبرات الجماعية للتكتل.
- الجلسة الثانية: “الأساس الثقافي لمجموعة بريكس. هل يمكن أن يصبح تكتل بريكس سوقًا ثقافية مشتركة؟”
تناول الخبراء في هذه الجلسة النسيج الغني للتنوع الثقافي الذي يميز دول بريكس وكيفية تعزيزه من خلال الوسائل التالية:
- تعزيز التبادل الثقافي: ناقش الخبراء مختلف الآليات الممكنة لتعزيز التفاهم والتقدير الثقافي بين مواطني دول بريكس من خلال عدة وسائل تشمل برامج التبادل للطلاب والفنانين والمهرجانات الثقافية المشتركة وترجمة الأعمال الأدبية إلى لغات متعددة.
- تأسيس سوق ثقافي لبريكس: ناقش المشاركون مفهوم “السوق الثقافي لبريكس” وقيموا الفوائد والتحديات المحتملة لإنشاء منصة لتبادل السلع والخدمات الثقافية داخل التكتل.
- الاستفادة من الدبلوماسية الثقافية: أقر المتحدثون بدور الثقافة في تعزيز القوة الناعمة وبناء الجسور بين الأمم، وشددوا على أهمية استخدام مجموعة بريكس للدبلوماسية الثقافية لتعزيز مكانتها الدولية وعلاقاتها الإيجابية مع الدول الأخرى.
- الجلسة الثالثة: “تعزيز النمو من خلال الشراكات، والتعاون في استكشاف سبل التحديث”
ركزت الجلسة الثالثة على البعد الاقتصادي والثقافي لتعاون مجموعة بريكس من خلال المجالات الرئيسية التالية:
- التجارة والاستثمار: سلط الخبراء الضوء على حاجة مجموعة بريكس لتعميق علاقاتها التجارية والاستثمارية داخل الكتلة وتنويع أسواق صادراتها وتقليل اعتمادها على الشركاء الغربيين التقليديين.
- نقل التكنولوجيا: ناقش الخبراء أهمية تبادل المعارف والخبرات في عدة مجالات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا الحيوية، كما ناقشوا أيضًا فرص إقامة مشروعات بحث وتطوير مشتركة بين دول البريكس.
- التصنيع وتطوير البنية التحتية: أكد الخبراء على أهمية الاستثمار في التصنيع والبنية التحتية ورأس المال البشري لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، كما أكدوا على ضرورة قيام دول بريكس بدعم جهود بعضهم بعضًا لتنمية صناعاتهم وتحديث اقتصاداتهم.
وخلال كلمته التي ألقاها في هذه الجلسة، شدد مصطفى على أهمية تعزيز التجارة البينية بين دول مجموعة بريكس وطرح حلولاً مبتكرة لمعالجة الحواجز التجارية. بالإضافة إلى ذلك، طرح مصطفى مبادرة بريكسفون “BRICSPHONE” والتي تهدف إلى إنشاء مركز ثقافي لبريكس في الدول الأعضاء في المجموعة يتولى مسؤولية تدريس اللغات الأصلية للدول الأعضاء وتسهيل التبادل الثقافي بينها من خلال برامج التنقل. ويمكن لهذه المبادرة تغيير حياة الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء دول بريكس وخارجها من خلال تسخير قوة التبادل الثقافي.
النتائج الرئيسية
أنتج منتدى خبراء بريكس 2024 مجموعة واسعة من الرؤى والتوصيات القيمة لمستقبل التعاون بين دول البريكس، وشملت أبرز النتائج الرئيسية:
- تزايد أهمية مجموعة بريكس: أكد المنتدى على تزايد أهمية مجموعة بريكس كفاعلٍ رئيسي في الشؤون العالمية، حيث يُظهِر اتساع عضوية الكتلة وتنوع أجندتها مدى قدرتها على تشكيل النظام العالمي.
- أهمية التعددية: أكد الخبراء على حاجة مجموعة بريكس لتعزيز شراكاتها مع البلدان النامية والمنظمات الإقليمية الأخرى لإسماع صوتها وتعزيز مصالحها على الساحة العالمية.
- قوة التبادل الثقافي: أكدت المناقشات على أهمية الدبلوماسية الثقافية في بناء الثقة وتعزيز التفاهم والتعاون بين الدول.
اقرأ المزيد من المدونة
تعليقات